وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (?) فهذا لا ينافي علوه واستواءه على عرشه، فهو معنا بعلمه واطلاعه، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى كما يشاء وكما أخبر جل وعلا من غير تحريف ولا تكييف، وهو مع أوليائه وأهل طاعته بعلمه وتأييده أيضا وعنايته بهم وكلاءته لهم ونصره إياهم، فهما معيتان، معية عامة تقتضي العلم والإحاطة ورؤية العباد، وأنه لا تخفى عليه خافية، ومعية خاصة مع أنبيائه وأهل طاعته مثل قوله سبحانه: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (?) وقوله: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (?) ومثل {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (?) إلى أمثالها، وهي معية خاصة تقتضي الحفظ والكلاءة والتأييد والتوفيق مع العلم والاطلاع كما قال عز وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (?)

وليس كما تقول الجهمية والمعتزلة وأشباههم من حلوله في كل مكان تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، فالله سبحانه وتعالى فوق خلقه وفوق عرشه كما أخبر، وعلمه في كل مكان، وليس مختلطا بخلقه سبحانه وتعالى، فأهل السنة والجماعة يدخلون في الإيمان بالله الإيمان بكل ما أخبر الله به عنه ورسوله، والإيمان بجميع أسمائه وصفاته، كل ذلك عندهم داخل في الإيمان بالله عند الإطلاق فيؤمنون به سبحانه ربا ومعبودا بالحق، كما يؤمنون بأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، يخلق ويرزق ويعطي ويمنع ويخفض ويرفع إلى غير ذلك من صفات الكمال، فهو المعبود الحق، وهو الخلاق العليم، وهو الرزاق لعباده، وهو على كل شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015