وكل هذه الصفات لا تشبه صفات خلقه، بل صفاته تليق به عز وجل، وصفاتنا تليق بنا، وصفاته لها البقاء ولها الدوام ولها الكمال، وصفات العبد لها النقص والاضمحلال، كل هذا داخل في الإيمان بالله عز وجل، ويدخل في الإيمان بالملائكة الإيمان المجمل والمفصل، فالملائكة قسمان: قسم نعلمه لأنهم قد سموا لنا، فنؤمن بهم وبأسمائهم تفصيلا، كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وما أشبه ذلك من الملائكة، والبقية نؤمن بأن لله ملائكة كما أخبر عنهم سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (?) {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (?)
ونؤمن بأنهم أقسام، منهم موكل بنا لحفظ أعمالنا وكتابتها، ومنهم موكل بالسياحة في الأرض يحضرون مجالس الذكر ويستمعون له، ومنهم الذين يتعاقبون فينا ليلا ونهارا، ومنهم حملة العرش، ومنهم غير ذلك، وقد جاء في الحديث الصحيح: «أنه يدخل البيت المعمور الذي في السماء السابعة كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم (?) » وهذا يدل على كثرتهم وأنهم جنود لا يحصيهم إلا الله عز وجل فنؤمن بهم إجمالا وتفصيلا وأنهم عباد مكرمون ليسوا بشرا وليسوا جنا ولكنهم خلق آخر خلقوا من النور كما في الحديث الصحيح: «خلقت الملائكة من النور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم (?) » رواه مسلم في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يتشكلون كما يشاء الله عز وجل، ولهم أعمال، ولهم صفات تليق بهم بعضها علمناه من السنة كمجيء جبريل تارة في صورة فلان، وتارة في صورة فلان، وتارة في صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، وتارة في صورة إنسان مجهول لا يعرف لما جاء يسأل عن الإسلام والإيمان إلى غير ذلك.