يَتَقَدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ" (?).
وإذا كان هذا في أوله فينبغي أن تحمى الذريعة أيضًا من آخره؛ فإن توهم الزيادة فيه أيضًا متوقع، فأما صومها متباعدًا عن يوم الفطر بحيث يؤمن ذلك التوقع فلا يكرهه مالك ولا غيره.
وقد روى مطرف عن مالك أنه كان يصومها في خاصة نفسه، قال مطرف: وإنما كره صومها لئلا يلحق أهل الجهالة ذلك برمضان، فأما من رغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه، واللَّه أعلم. هذا آخر كلام القرطبي رحمه اللَّه.
فهؤلاء أئمة المالكيين والمتحرين فيها نقل عنه ويظهر من كلامهم أن مالكًا لم يضعف الحديث ولا أحدًا من رواته كما زعم ابن دحية وإنما كرهها لهذا التخيل.
وقد أجاب الشيخ أبو حامد الإسفراييني رحمه اللَّه عن هذا التوهم أن الزيادة في الصوم إنما يصير ذريعة لو لم يفصل بينها وبين شهر رمضان بشيء، فأما إذا كان يفصل بينهما ولا محالة بيوم الفطر فإنه لا يؤدي إلى ذلك.
وقال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه اللَّه في "جامعه" بعد ذكر حديث أبي أيوب الأنصاري: وقد استحب قوم صيام ستة أيام من شوال بهذا الحديث.
وقال ابن المبارك: هو حسن مثل صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
قال ابن المبارك: وروي في بعض الحديث ويلحق هذا الصيام برمضان. واختار ابن المبارك أن تكون ستة أيام من أول الشهر، وقد روي عن ابن المبارك أنه قال: إن صام ستة أيام من شوال متفرقًا فهو جائز. ثم ذكر بعد ذلك رواية الدراوردي له عن صفوان بن سليم، كما تقدم، واللَّه أعلم.
فهذا ما يسر اللَّه من الكلام على هذا الحديث على حسب ما وقفت عليه والجواب عن كلام أبي الخطاب بن دحية رحمه اللَّه والحمد للَّه أولًا وآخرًا، وصل اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ورضي اللَّه عن أصحاب رسول اللَّه أجمعين.