منه أهل الجهالة والجفاء ولو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك.

انتهى كلامه.

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري رحمه اللَّه في كتابه "الاستذكار" (?) في شرح "الموطأ": انفرد بهذا الحديث عمر بن ثابت وهو من ثقات أهل المدينة -يعني حديث أبي أيوب- ثم قال: حديث ثوبان يعضد هذا. وساقه من رواية النسائي ثم قال: لم يبلغ مالكًا رحمه اللَّه حديث أبي أيوب على أنه حديث مدني والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه. والذي كرهه له مالك أمر قد بينه وأوضحه وذلك خشية أن يضاف إلى فرض رمضان وأن يسبق ذلك إلى العامة، وكان رحمه اللَّه متحفظًا كثير الاحتياط للدين، وأما صيام الستة أيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان -رضي اللَّه عنه- فإن مالكًا رحمه اللَّه لا يكره ذلك إن شاء اللَّه تعالى؛ لأن الصوم جنة، وفضله معلوم يذر الصائم طعامه وشرابه وشهوته للَّه تعالى وهو عمل بر وخير، وقد قال اللَّه تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (?) ومالك رحمه اللَّه لا يجهل شيئًا من هذا ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك وخشي أن يعد من فرائض الصيام مضافًا إلى رمضان، وما أظن مالكًا رحمه اللَّه جهل الحديث واللَّه أعلم؛ لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت، وأظن عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه، وقد ترك مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عمر بن ثابت، وقيل: إنه روى عنه، ولولا علمه به ما أنكر بعض شيوخه إذا لم يبق في حفظه لبعض ما يرويه، وقد يمكن أن يكون جهل الحديث ولو علمه لقال به، واللَّه أعلم. هذا كله كلام ابن عبد البر رحمه اللَّه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015