فيقال: هذا الكلام نحو ما تقدم من الكلام على حديث أبي أيوب من قلة الإنصاف وإيهام التضعيف بذكر بعض طرق الحديث التي فيها من ضعف ثم يقول: "وليس لهذا الحديث طريق صحيح" فقد ذكرنا أنه رواه عن يحيى بن الحارث غير إسماعيل بن عياش: الوليد بن مسلم، وصدقة بن خالد، وثور بن يزيد، ويحيى بن حمزة، ومحمد بن شعيب بن شابور، فهؤلاء خمسة من الثقات قد رووه عن يحيى بن الحارث، فأي فائدة تبقى في تضعيف إسماعيل بن عياش، ثم إنا لا نسلم ضعفه في هذه الرواية لوجود متابع له ثقة، وقد وثقه أحمد ويحيى بن معين (?) في رواية عنهما مطلقًا، وأثنى يزيد بن هارون (?) وهو أحد الأئمة على حفظه ثناءً بليغًا، وروي عن الإِمام أحمد ويحيى بن معين (?) أيضًا أنهما قالا: ما روى إسماعيل بن عياش عن الشاميين فهو صحيح وما روى عن أهل الحجاز فليس بصحيح. وكذلك قال الدارقطني وغيره، وعلى هذا القول أكثر الحفاظ بعدهم يحتجون بحديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين، وهذا الحديث من روايته عن الشاميين، ثم العجب منه يقول قبل ذلك "إن حديث ثوبان من الأحاديث المسندة الحسان" بعده: "وليس لهذا الحديث طريق صحيح".
فإن قيل: أراد بذلك أنه حديث حسن وهو ما نزل عن درجة الصحيح كما صرح به ثم نفى في الثاني بلوغه درجة الصحة.
قلنا: هذا وإن كان جماعة من الأئمة قد فرقوا بين الحسن والصحيح ففيه إشكال، وذلك أن لرواة الحديث أوصافًا يجب معها قبول الرواية إذا وجدت وردها إذا انتفت، فإذا الحديث الذي يقال فيه حسن إما أن يكون قد وجدت في رواته تلك الأوصاف على أقل الدرجات التي يجب معها القبول، وذلك هو الصحيح الذي يجب معها العمل به، أو لم يوجد فذلك هو الضعيف، ولا