الطيالسي في "مسنده" عن ورقاء بن عمر عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت به (?)، وهذه الرواية موافقة لقول ابن المبارك ومن تابعه من الأئمة عن سعد بن سعيد، والأخذ بقولهم أولى من قول عبد اللَّه بن عمران الأصبهاني.
فإن قيل: والحديث بعد تقرر هذا كله مداره على عمر بن ثابت الأنصاري ولم يروه عن أبي أيوب غيره فكانت شاذًّا لا متابع له فلا يحتج به.
قلت: ليس هذا من الشاذ الذي لا يحتج به، ولو كان كذلك لكانت قطعة من أحاديث "الصحيحين" كثيرة لا يحتج بها لتفرد رواتها بها وليس كذلك بالاتفاق، هذا حديث: "إنما الأعمال بالنيات" (?) لم يروه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا عمر بن الخطاب، ولا عن عمر إلا علقمة بن أبي وقاص الليثي، ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عن محمد إلا يحيى بن سعيد، وهو من أشهر الأحاديث وأكثرها تكرارًا في "الصحيحين" ومثل هذا كثير في الصحيح.
وقد روى يونس بن عبد الأعلى قال: قال الشافعي رحمه اللَّه: ليس الشاذ أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثًا يخالف ما روى الناس.
وقد قرر هذا القول وبسطه الحافظ أبو عمر وابن الصلاح وغيره بما لا حاجة إلى نقله ها هنا، ثم نقول: ليس هذا مما تفرد به عمر بن ثابت بل يكون في رواية ثوبان له عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- متابعة له وشواهد فيخرج بهذا عن غرائب الصحيح.
وإلى هذا أشار أبو حاتم بن حبان في "صحيحه" فإنه أخرج حديث عمر بن ثابت هذا كما تقدم ذكره ثم قال بعده: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب. وذكر حديث ثوبان كما سيأتي ذكره (?).
وقد تبين وللَّه الحمد أن حديث أبي أيوب -رضي اللَّه عنه- صيام الستة أيام من شوال صحيح محتج به لا مطعن لأحد فيه، واللَّه تعالى أعلم.