النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم رجع إلى الاصملام بين يدي أبي بكر -رضي اللَّه عنه- وزوجه أخته، واللَّه أعلم.
الخامسة: إذا قيل بأن من له مجرد الرؤية من الصحابة فهل يلتحق بذلك من لم ير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بعد وفاته وقبل دفنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد كان مسلمًا في حال حياته؟
لم أر أحدًا تعرض لهذه الصورة، وهي محتملة وليست مجرد فرض، بل قد وقعت لأبى ذؤيب الهذلي الشاعر، وقيل اسمه خويلد بن خالد في قصته المشهورة لما أخبر بمرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسافر نحوه فقبض -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل وصوله إلى المدينة بيسير وحضر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- ثم حضر الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورآه مسجى، وشهد دفنه، ولم تتقدم له رؤية قبل ذلك لكنه كان مسلمًا في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ولا يبعد أن يعطى هذا حكم الصحبة لشرف ما حصل له من رؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل دفنه وصلاته عليه، وهو أقرب من عد المعاصر الذي لم يره أصلًا فيهم، أو الصغير الذي ولد في حياته، واللَّه أعلم.
قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح: ثم إن كون الواحد منهم صحابيًّا يعرف تارة بالتواتر، وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر، وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي، وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته أنه صحابي (?).
وقال الآمدي في "الإحكام": لو قال من عاصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه، ويحتمل أن لا يصدق في ذلك لكونه متهمًا بدعوى رتبة يثبتها لنفسه كما لو قال: أنا عدل أو شهد لنفسه بحق (?).
قلت: وقد بنى بعض المصنفين هذا على أن مجرد الرؤية أو الصحبة اليسيرة هل يثبت فيها مسمى الصحابي أم لا؟
فإن قلنا: يكون بذلك صحابيًّا؛ فذلك مما يتعذر فيه إثباته بالنقل دائمًا؛ إذ ربما لا يحضره حالة اجتماعه بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد أو حال رؤيته إياه أو حضر ذلك واحد أو