تجب لمجرد اللفظ ولا يتوقف على الوطء لأن هذه الصيغة ليست يمينًا كما تقدم.
وحكى صاحب "التقريب"، وغيره وجهًا لبعضهم أنها إنما تلزم إذا أصابها وأن هذا اللفظ مع نية التحريم بمثابة الحلف على ترك الإصابة وهذا ظاهر قول الغزالي في "الوسيط" وإن نوى التحريم كان يمينًا، وقد قال الشافعي في "الإملاء": وإن نوى الإصابة قلنا: أصب وكفر (ص 42) وهذا يشعر بتوقف الكفارة على الإصابة، فعلى هذا يصير مؤليًا بقوله: "أنت علي حرام" كما تقدم عن الحنفية، والجمهور أولوا نص الشافعي على أنه أراد به أن الإصابة لا تحرم قبل التكفير بخلاف الظهار كيف وأن الإيلاء هو اليمين وهي لا تكون إلا باسم من أسماء اللَّه تعالى أو بصفة من صفاته، وعلى هذا فلو قال: أردت بقولي: "أنت علي حرام" الامتناع عن الوطء ففي قبوله وجهان:
أَصَحُّهُمَا: المنع؛ لأن مجرد التحريم لا يصلح أن يكون كناية في اليمين وليس صريحًا فيها قطعًا، وكذلك لو نوى بهذا اللفظ الإيلاء لم يصر به مؤليًا على الأصح.
ولو قال: أردت به إن وطئتك فأنت علي حرام؛ فالمشهور أنه لا يقبل ذلك منه لأنه يروم به تأخير الكفارة وهي واجبة على الفور.
وقال ابن الصباغ والمتولي: يؤاخذ بموجب الإيلاء لإقراره بأنه مؤل، أما إذا لم ينو به شيئًا فقد تقدم للشافعي قولان، والذي نص عليه في مواضع أنه تجب فيه كفارة يمين، وقال في "الإملاء" بعد ذلك: ولو قال قائل إنه لا شيء فيه كان مذهبًا، والأظهر عند جمهور الأصحاب وجوب الكفارة، وأن قوله: "أنت علي حرام" صريح في ذلك، وعلى القول الآخر هو كناية في لزوم الكفارة فلا تجب إلا إذا نوى تحريم عينها.
ووجه هذا بأنه لو كان صريحًا في ذلك لامتنع كونه كناية في الطلاق أو الظهار للقاعدة المعروفة (43) أن اللفظ إذا كان صريحًا في شيء ووجد نفاذًا في ذلك الشيء لا يكون كناية في غيره ولا ينصرف عنه بالنية.
وأجاب الجمهور بوجهين:
أَحَدُهُمَا: أن التزام الكفارة لا يختص بالنكاح بل يجري في ملك اليمين أيضًا إذا قال لأمته: "أنت علي حرام" ونوى به تحريم عينها دون العتق، وإذا لم يختص