لأن طباعهم تزعهم عن. . . (?) الإقرار المضرّ بهم في حقوقهم كالدماء والأبضاع والأموال، ولم تقبل الشهادة إلا من عدل؛ لأن الفاسق لا يزعه طبعه عن الكذب على الغير كما يزعه عن الكذب على نفسه، وكذلك يقبل إقرار العبد بما يوجب الحد والقصاص؛ لأن طبعه يزعه عن الكذب بما يوجب قتله أو قطعه أو جلده، وإن كان ذلك يضر بالسيد بخلاف إقراره بالمال فإنه مضرة للسيد خاصة.

فإذا عرف ذلك فلا بد من تحقق عدالة الشاهد حتى يقبل قوله ويترتب عليه مقتضاه، وقد استثني من ذلك:

مَسْأَلَةُ انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِشَهَادَةِ مَسْتَورَينِ وهما اللذان يجهل حالهما في الفسق والعدالة مع سلامة الظاهر، والصحيح من المذهب انعقاد النكاح بهما؛ لأن النكاح يغلب وقوعه في البوادي والقرى حيث يتعذر الوصول إلى العدل في الباطن والظاهر، فلو اشترط معرفة العدالة الباطنة لطال الأمر وشق على المتعاقدين بخلاف الحكم حيث لا يجوز بشهادة المستورين لأنه يسهل على الحاكم مراجعة المزكين ومعرفة عدالة الشاهدين باطنًا وظاهرًا، وَلِهَذَا قُلْنَا: ينعقد النكاح بالمستورين وإذا شهدا به عند الحاكم لم يجز له الحكم به حتى تتحقق عدالتهما، وعن الإصطخري (?) وجه أنه لا ينعقد بشهادة المستورين وهو جار على القواعد ومقتضى الدليل، واللَّه يقول الحق وهو يهدي السبيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015