أن في قلبك موضعًا فارغًا لمحبة سواه! فخر رياح مغشيًا عليه، ثم أفاق وهو يمسح العرق عن وجهه وهو يقول: رحمة جعلها الله في قلوب عباده للأطفال".
وقال حذيفة المرعشي: "رأيت رجلاً بالرقة وبين يديه صَبِيَّان يلعبان ويقتتلان وهو يتشاغل بها فزجرهما ونهاهما. فقلت [له] (?): إني أحسبك تحبهما؟! قال: "لا والله ما أحبهما، ولكن أرحمهما؟ وما أحد أحبّ إليّ من الله -عز وجل".
ثم اتسع الكلام في المحبة من زمن أبي سليمان الداراني وأصحابه بالشام كأحمد بن أبي الحواري وقاسم الجوعي.
وكان قاسم الجوعي يقول: "شبع الأولياء بالمحبة عن الجوع، ففقدوا لذاذة الطعام والشراب والشهوات ولذات الدُّنْيَا؛ لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة فقطعتهم عن كل لذة".
وبالعراق في زمن السري وأصحابه كالجنيد وأصحابه، وبمصر في زمن ذي النون وأقرانه.
وكان بعض من يذكر بالمحبة ربما حصل له وسوسة ونوع تغير عقل، كسعدون وسمنون، وكان [سمنون] (?) شديد المحبة [ربما حصل له وسوسة] (1)، ويقال أنَّه تكلم يومًا في المحبة فاصطفقت قناديل المسجد حتى تكسرت، وأنه تكلم يومًا فيها فجاء طائر فضرب بمنقاره الأرض حتى مات؛ وكذلك كان ربما حصل للشبلي نوع تغير.
ومما ينسب من الشعر إِلَى بعض هذه الطبقة:
هجرت الورى في حب من جاد بالنعم ... وعفت الكرى شوقًا إِلَيْهِ فلم أنم
وموهت دهري بالجنون عن الورى ... لأكتم ما بي من هواه فما انكتم