قال إبراهيم بن الجنيد: حدثني عبد الرحيم بن يحيى الرملي، حدثني عثمان ابن عمارة قال: قال عتبة: "من سكن حبه قلبه لم يجد حرًّا ولا بردًا. قال عبد الرحيم: يعني من سكن حب الله قلبه شغله حتى لا يعرف الحر من البرد، ولا الحلو من الحامض، ولا الحار من البارد".
وقال عبد الواحد بن زيد: "كان عتبة يجيء إِلَى المسجد يوم الجمعة وقد أخذ الناس الظل، فيقوم عَلَى الحصى ويسجد السجدة الطويلة. قال عبد الواحد: ما أراه يعقل بحره". وسمع عتبة قائلا يقول: "سبحان جبار السماء إن المحب لفي عناء. فَقَالَ عتبة: صدقت والله! وغشى عليه".
وقال ضيغم [يومًا] (?) لمولى له: "منعني والله حب الله من الاشتغال بحب غيره! ثم سقط مغشيًّا عليه".
وكان كَلاَّبُ بن جُرَي العابد يقول في سجوده: "وعزتك لقد خالط قلبي من محبتك أمر يكل لساني عما أجد منه في نفسي".
وقدمت شعوانة العابدة وزوجها مكة فجعلا يطوفان ويصليان، فإذا كلَّ أو أعيا جلس وجلست خلفه، فيقول هو في جلوسه: "أنا العطشان من حبك لا أُرْوَى. وتقول هي بالفارسية: يا سيدي أنبتَّ لكل داء دواء في الجبال، ودواء المحبين في الجبال لم ينبت".
ودخلوا عَلَى عابد بالبصرة وهو يجود بنفسه ويقول: "أنا عطشان لم أرو من حب ربي، وجائع لم أشبع من حب ربي".
وقال المعافى بن عمران: "كلمت فتحًا الموصلي يومًا في شيء، فَقَالَ: لم تترك المحبة لله في قلوب أوليائه موضعًا لمحبة غيره".
وقال أبو معمر: "نظرت رابعة يومًا إِلَى رياح القيسي [وهو] (1) يقبل صبيًّا صغيرًا من أهله، فقالت: أتحبه يا رياح؟ قال: نعم. قالت: ما كنت أحسب