خَشِيَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ وُقُوعُ مَحْذُورٍ بِهِ فَهَلْ يَكُونُ عُذْرًا لَهُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أَقَرُّوا عَلَى مَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا الْمُسْلِمَ خَمْرًا وَلَا يَهْدُونَهَا إلَيْهِ وَلَا يُعَاوِنُوهُ عَلَيْهَا بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْصِرُوهَا لِمُسْلِمِ وَلَا يَحْمِلُوهَا لَهُ وَلَا يَبِيعُوهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ. وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا هُوَ مَشْرُوطٌ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ وَمَتَى فَعَلُوا ذَلِكَ اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ الَّتِي تُرْدِعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عَنْ ذَلِكَ. وَهَلْ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ وَتُبَاحُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَعِينُوا بِجَاهِ أَحَدٍ مِمَّنْ يَخْدِمُونَهُ أَوْ مِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ مِنْهُمْ. أَوْ غَيْرِهِمَا عَلَى إظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ؛ بَلْ كَمَا تَجِبُ عُقُوبَتُهُمْ تَجِبُ عُقُوبَةُ مَنْ يُعِينُهُمْ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِ جَاهِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَإِذَا شَرِبَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ. فَهَلْ يُحَدُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لِلْفُقَهَاءِ. قِيلَ: يُحَدُّ. وَقِيلَ: لَا يُحَدُّ. وَقِيلَ يُحَدُّ إنْ سَكِرَ. وَهَذَا إذَا أَظْهَرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا مَا يَخْتَفُونَ بِهِ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالْمُسْلِمِينَ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ. وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانُوا لَا يَنْتَهُونَ عَنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ أَوْ مُعَاوَنَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَهَدْيِهَا لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا بِإِرَاقَتِهَا