أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ؛ بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَعْتَبِرْ التَّمْيِيزَ كَمَا أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَعْتَبِرْ الْعَادَةَ. لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَد يَعْتَبِرَانِ هَذَا وَهَذَا وَالنِّزَاعُ فِي التَّقْدِيمِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي: فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَكِنْ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ مُطْلَقًا فَكَانَتْ هِيَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَالْغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُسْتَحَبٌّ؛ لَيْسَ بِوَاجِبِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ إذَا قَعَدَتْ أَيَّامًا مَعْلُومَةً هِيَ أَيَّامُ الْحَيْضِ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ كَمَا تَغْتَسِلُ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا ثُمَّ صَلَّتْ وَصَامَتْ فِي هَذِهِ الِاسْتِحَاضَةِ بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَأَمَّا مَالِكٌ فَعِنْدَهُ لَيْسَ عَلَيْهَا وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ فَإِنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَهُ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ النَّادِرَاتِ وَقَدْ احْتَجَّ الْأَكْثَرُونَ بِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ {أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْمُسْتَحَاضَةَ أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ} . وَهَذِهِ الْمُسْتَحَاضَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تَكُنْ مُبْتَدَأَةً وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ فَإِنَّهَا كَانَتْ عَجُوزًا كَبِيرَةً وَإِنَّمَا حَمَلُوا أَمْرَهَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَاسِيَةً لِعَادَتِهَا وَفِي السُّنَنِ: {أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَحِيضَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا} كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بِنْتِ سَهْلٍ وَبِهَذَا احْتَجَّ الْإِمَامُ