قال المؤلف حفظه الله تعالى: [الثاني عشر: أفعال الناس عند القبور وزيارتها ثلاث أنواع: الأول: مشروع: وهو زيارة القبور؛ لتذكر الآخرة، وللسلام على أهلها، والدعاء لهم.
الثاني: بدعي ينافي كمال التوحيد: وهو وسيلة من وسائل الشرك، وهو قصد عبادة الله تعالى والتقرب إليه عند القبور، أو قصد التبرك بها، أو إهداء الثواب عندها، والبناء عليها، وتجصيصها وإسراجها، واتخاذها مساجد، وشد الرحال إليها، ونحو ذلك مما ثبت النهي عنه، أو مما لا أصل له في الشرع.
الثالث: شركي ينافي التوحيد: وهو صرف شيء من أنواع العبادة لصاحب القبر: كدعائه من دون الله، والاستعانة والاستغاثة به، والطواف والذبح والنذر له ونحو ذلك].
موضوع التوسل والتبرك يتفرع عنه أعمال يقع فيها الكثيرون، وأكثر ما يكون من هذه الأعمال ما يجري حول القبور؛ لأن الناس قد تستعطف عواطفهم تجاه أمواتهم ويستغل كثير من الجهلة أو المرتزقة أو أهل البدع عاطفة الولاء بين الأحياء وبين موتاهم، فيدخلون كثيراً من وجوه الأعمال غير المشروعة عند القبور وبعضها قد يكون من البدع المغلظة، وبعضها قد يكون من التبرك البدعي غير المشروع وكل هذا يقع؛ لأن الناس عند زيارتهم للقبور يجدون من أصناف المغريات ومن الوقوع في هذه المنهيات الشيء الكثير بعدما أسرجت القبور واتخذت فوقها القباب والمساجد ووضعت عندها الأوقاف والمنافع، فالإغراءات بالوقوع في البدع والمنهيات كثيرة جداً، ومن أعظم الإغراءات أن هناك من ينتفعون ببدع القبور، وقد رأينا الذين ينتفعون ببدع القبور من استدرار الأموال من العامة بل من الفقراء، فالفقير قد يعيش زمناً طويلاً ليحصل دريهمات فيذهب بها عند سادن القبر فيضعها في القبر من أجل أن يمكنه سادن القبر أن يدخل على ذلك الميت فيتوسل إليه أو يدعوه من دون الله أو يتبرك به ليجلب له نفعاً أو يدفع عنه ضراً، وهذه مهلكة في الدين والدنيا، فهذا الفقير المسكين ربما يكون خسر عقيدته وخسر ماله، وذاك المنتفع الدجال الذي ربما تمسح باسم الدين ولبس لباس الأولياء، وفي الغالب أنه يكون من الكاذبين.
فهذه مأساة من مآسي المسلمين الكثيرة، وهي من أعظم أسباب ذلهم وهوانهم وفرقتهم وتنازعهم الذي هو سبب الفشل؛ لأن الله عز وجل قال: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46]، والتنازع أعظمه التنازع في الدين والعقيدة والتنازع في عبادة الله عز وجل.
إذاً: أفعال الناس عند القبور وزيارتها على ثلاثة أنواع: