أما النوع الثاني من التوسل: فهو البدعي وهو غير مشروع لكن لا يصل إلى حد الكفر أو الشرك الذي يخرج صاحبه من الملة، والتوسل البدعي هو التقرب إلى الله عز وجل بما لم يرد به الشرع ما لم يكن شركاً، كالتقرب بذوات الأنبياء عدا النبي صلى الله عليه وسلم في حياته؛ لأن الصحابة كانوا يتبركون به، وهذا التبرك من حيث دخوله في معنى التوسل فيه تفصيل؛ لأن التوسل أحياناً يقصد به التبرك، فمن هنا فإن التبرك بذات النبي صلى الله عليه وسلم مشروع في حياته وما بقي منه بعد وفاته، ولاشك أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة قرون لم يعد هناك أشياء بقيت، فمن هنا ينقطع هذا النوع من التبرك، وقد يسميه بعض الناس توسلاً؛ لكن التوسل بالذوات سواء ذوات الأنبياء والصالحين أو بجاههم أو حقهم أو حرمتهم ونحو ذلك كله من البدعة، فأنت حين تقول: اللهم إني أسألك بحرمة فلان، أو اللهم إني أسألك بعمل فلان الرجل الصالح أو النبي أو غيره، أو تقول: اللهم إني أسألك بجاه الولي فلان أو النبي فلان؛ كل هذا لا يجوز لأنه بدعة لم يرد به الشرع، ولأن هؤلاء وغيرهم جاههم لهم وحقهم حق لهم وحرمتهم لا يتعدى نفعها للآخرين إلا بإذن من الشرع ولو جاء به الشرع كان على العين والرأس.
فلذلك لما جاء الشرع بالتبرك بذات النبي صلى الله عليه وسلم وأشيائه أخذناها دون أن نماري في ذلك أو نجادل؛ لأنه جاء به الشرع، فهذه خصوصية له صلى الله عليه وسلم، لكن بالنسبة للتوسل والتقرب فإنه لا يجوز للإنسان أن يتقرب إلى الله أو يطلب إلا بما جاء في التوسل المشروع.
إذاً: طلب الانتفاع أو دفع الضر بجاه الآخرين أياً كانوا أو بحقوقهم أو بحرمتهم أو بذواتهم أو بالأشياء أيضاً حتى ولو لم يكن من العقلاء أو المكلفين أو الصالحين، كالتقرب إلى الأحجار أو الأشجار أو نحو ذلك ما لم يكن شركاً فهو بدعة.