النوع الأول: هو التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وهو أن تدعو الله سبحانه بأسمائه وتتوسل إليه وتتعبد له بذلك من قلب موقن بأن الله مجيب وأن الله على كل شيء قدير بحيث لا يتطلع قلبك إلى اللجوء إلى غير الله، فتعمر قلبك باليقين والإنابة وبمحبة الله ورجائه وخوفه فحين تملأ قلبك بالإنابة واليقين وبأن الله مجيب قادر على كل شيء، فمن هنا تتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته.
النوع الثاني: التوسل بأعمالك التي تتقرب بها إلى الله بعباداتك وأعمال القربات، فتدعو الله أن يأجرك أو تدعو الله عز وجل أن يجلب لك نفعاً أو يدفع عنك ضراً، تدعوه بأعمالك التي عملتها فتقول: اللهم إني أسألك بصلاتي أن تدفع عني هذا الضرر، أو اللهم إني أسألك بمحبتي لرسولك صلى الله عليه وسلم؛ لأن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات، بل هي أعظم محبة بعد محبة الله سبحانه، فيشرع أن تقول: اللهم بمحبتي لرسولك ادفع عني هذا الضر أو يسر لي أمري أو نحو ذلك، أي: تتوسل إلى الله عز وجل بعمل عملته قلبياً أو لسانياً أو من عمل الجوارح، وهذا ما ورد تفصيله ومثاله في قصة الثلاثة أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم صخرة فكل منهم دعا الله عز وجل بما كان يتقرب به إلى الله بأعظم عمل يرجو به الفرج من الله، فواحد دعا بقربته ببر والديه، وآخر ببعده عن الفاحشة إلى آخره، فتقربوا إلى الله بأعمالهم سواء كانت فعل القربات أو ترك المنهيات، كل هذه قربات إلى الله.
فهذا العمل هو من الأمور المشروعة وبابه واسع لا ينتهي؛ لأن المسلم فيما بينه وبين ربه أعمال قلبية ولسانية وأعمال جوارح لا تتناهى.
النوع الثالث: دعاء التقرب أو طلب الدعاء من الصالحين وهذا مشروع بشروطه وضوابطه، وأهم شروطه: ألا تكثر من طلب دعاء الصالحين بحيث يكون الطلب في دعاء الصالحين عند الضرورة أو مناسبة أو في ظرف مهيأ كأن يكون هذا الرجل الصالح في مكان فاضل أو سيعمل عملاً فاضلاً أو في عبادة خالصة أو يكون على وشك سفر؛ لأن دعاء المسافر مجاب إلى آخره، فهذا النوع مشروع لكن الإكثار منه ليس بمشروع؛ لأسباب من أهمها أن ذلك يؤدي إلى الاتكال وعدم لجوء الإنسان بنفسه إلى ربه عز وجل.
الأمر الثاني: أن هذا يخلط بالأنواع البدعية التي سيأتي ذكر نماذج منها.
ثم إن التوسل أنواعه: النوع الأول: هو التوسل المشروع الذي ذكرت أقسامه سابقاً، وهذا مشروع بل مأمور به، بل هو من محض العبادة لله عز وجل، والأنواع الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل هي أنواع التوسل المشروع وهي كثيرة جداً يستغني بها المسلم عن اللجوء إلى الأنواع المشتبهة أو البدعية أو الشركية لا قدر الله، لأن التوسل إلى الله أن تدعوه بأسمائه وصفاته وأفعاله وكذلك الدعاء بالتقرب إلى الله بعملك أنت لا بعمل غيرك، والنوع الثالث أن تطلب من الصالحين الدعاء لك، أما طلب الدعاء فإنه لا يلزم أن يكون دائماً ممن هم على الكمال في الصلاح؛ لأن الكمال صعب، لكن ممن قد يكون في دعائهم لك خصوصية أو أحرى بأن يكون دعاؤهم لك مجاباً مثل الوالدين والأقارب والرحم الذين تصلهم، ومثل الناس الذين تبرهم وتحسن إليهم هؤلاء لا مانع أن تطلب منهم الدعاء ولو لم يكونوا على درجة كاملة في الصلاح، بل لو طلبت من أي مسلم أن يدعو لك في مثل هذه الظروف لجاز، لكن الرجل الصالح أحرى بأن يقبل دعاؤه.