عليه أن يأخذ منه إذا احتاج، ولكن دون إرهاق، وهو الذي عليه أن يقدم له ما يحتاج إليه أمثاله نوعاً وكمّاً إذا عرض لهذا الفرد ما يجعله بحاجة إلى هذا الإمداد.

وهي التي تحدد العلاقة بين الخالق والمخلوق بأسلوب عملي واضح لا مجال فيه لاجتهاد مجتهد، أو افتراء متنطع، "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"، و"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"، و"مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرَنَا هذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ".

لذلك فإن الصحابة قد حملوا هذه الرسالة أمانة أغلى عندهم من أموالهم وأولادهم بل ومن أنفسهم، فوقَّعوا على صك البيع: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ... } وهم مختارون فرحون بهذا الفوز العظيم.

ثم تلا أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك الذين: {اتَّبَعُوهُمْ بِإحْسَانٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ... } [التوبة: 100]. وهم الذين اختارهم الله -عز وجل- لإقامة دينه، وخصَّهم بحفظ فرائضه وحدوده، وأمره ونهيه، وأحكامه جميعها، وسنن رسوله المبينة لها، فحفظوا عن الصحابة ما فقهوه وأتقنوه علماً وعملاً، ثم علَّموه للأئمة الثقات الذين جمعوا السنة مما كتب الكاتبون (?) وحفظ الحافظون. وقد أخذ هؤلاء الأئمة عن كتب شيوخهم الذين يكتبون كما أخذوا عن الحفاظ الذي اكتفوا بالحفظ ولم يكتبوا، وجمعوا هذا إلى ذاك بالطرق المختلفة التي كانت معروفة آنذاك في التأليف والتصنيف.

لقد جمعوها بإفراد أبواب الفقه باباً باباً كما فعل الشعبي الذي روي عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015