يحرض كل طاقة فيه على العطاء، كما أنها لا تؤهله لأن يوصف بالأوصاف التي وصف بها وهو تلميذ لحافظ الدنيا العراقي، وشيخ لأمير المؤمنين في الحديث، شيخ الحفاظ ابن حجر العسقلاني.
إن تركة الرجل -ولا أمل من تكرار التوكيد على جلالتها وعظيم فوائدها- تعتمد في مجموعها على الترتيب الذي يمكن لرجل عادي أن يقوم به مع الإشراف، والتوجيه، ومد يد العون -كما زعم المترجمون له أن العراقي يفعل- فبماذا إذاً استحق شيخنا هذه الأوصاف؟
إنه ثالث حفاظ عصره، العالم، الحافظ، الإمام، الذي لا يكل ولا يمل من كتابة الحديث وتدوين العلم.
فقد سمع ما سمعه العراقي تقريباً، وسمع، وكتب، وقرأ كل ما أنتجه العراقي، فالجو مهيأ له لأن يتجاوز العراقي نفسه.
نعم هناك قدرات شخصية لا يمكن لباحث أن ينكرها، ولكن أن يكون البون شاسعاً بين شيخ وتلميذه كما هو الحال بين العراقي وصفيه من دون تلاميذه وفيهم ابن حجر، فهو أمر ليس بمقبول، مع أن الصفات التي وصف بها، والظروف العلمية التي عاشها، ورعاية وإشراف وتوجيه وتدريب حافظ جاد، بصير خبير، إن هذا كله لجدير بأن يجعل منه إماماً يملأ الدنيا ويشغل الناس.
ولكنني -والحق أقول- تعبت في البحث عن المعطيات التي تكون السلم الذي صعد عليه شيخنا حتى استحق هذا لاختيار من شيخ يحسن الاختيار والمنافسون عليه كثر، فأمنه على علمه والعلم دين، وأمنه على عرضه ولا يؤتمن على العرض إلا ذو خلق ودين، وليس الخلق إلا التطبيق لما جاء في كتاب الله، وما صح عن رسول الله.
بِمَ استحق هذه الألقاب والصفات، ودون الاتصاف بها خرط القتاد؟.