الترتيب والتبويب، وبفائق الجهد المبذول فيها من أجل أن ييسر الوصول إلى الإفادة منها، رحم الله مصنفها ومرتبها.
وهنا يلوح على استحياء سؤال:
هل الآثار التي تركها الحافظ الهيثمي -على جلالها، وعظيم قدرها، وكبير فائدتها- تملأ الإطار الزمني الذي عاشه هذا الحافظ الجاد؟ وتكون الركيزة الأساسية التي اعتمد عليها تلامذته ومن ترجموا له ليصفوه بما وصفوه به؟
لقد عاش الهيثمي رحمه الله اثنتين وسبعين عاماً، أنفق منها ستة وخمسين عاماً في صحبة سيده وشيخه، حافظ الحفاظ في المشرق والمغرب، أبي الفضل العراقي.
وهو الذي "كان عجباً في الدين والتقوى، والزهد، والإقبال على العلم ... وعدم مخالطة الناس" (?).
وهو الذي أصبح "لشدة ممارسته أكثر استحضاراً للنصوص من شيخه" (?).
وهو الذي رتبه شيخه وسيده ثالث حفاظ العصر بعده، قال ابن حجر: "وسئل -يعني العراقي- عند موته عمن بقي من الحفاظ، فبدأ بي، وثنى بولده، وثلث بالشيخ نور الدين" (?).
وقد أجمل الأقفهسي صفاته فقال: "كان إماماً، عالماً، حافظاً، زاهداً، متواضعاً، متودداً إلى الناس، ذا عبادة وتقشف وورع".
نقول: إن رجلاً يدربه شيخه على عمل، ثم يراجعه له عند الانتهاء منه