فما الآثار التي خلفتها هذه العبقرية التي توفرت لها هذه الظروف؟!.
يروي الحافظ ابن حجر أن العراقي "هو الذي دربه، وعلمه كيفية التخريج والتصنيف، وهو الذي يعمل له خطب الكتاب" (?). وأن الهيثمي "تخرج به في الحديث" (?).
وليس من شك عندنا أن العراقي تجام مقام الوالد من الهيثمي، وقد اختصه من دون تلاميذه فأمنه على علمه، وعلى عرضه، وبين أولئك التلاميذ من هو أرسخ قدماً، وأجل شأناً من الهيثمي، ولذلك فإننا لا نشك أيضاً أن الهيثمي يتمتع بصفات شخصية جذبت إليه العراقي، وجعلته يؤثره على بقية تلاميذه وفيهم ابن حجر، ويثق به أكثر من جميع رواده، ويطمئن إليه أكثر من أخص الناس به: أهله وولده.
ويجمع مترجمو الهيثمي -وعن الحافظ ابن حجر نقلوا لأنه أقدم من ترجم له- أن العراقي أشار عليه:
أولاً: أن يجمع ما في مسند أحمد من الأحاديث الزائدة على الكتب الست، وأرشده إلى التصرف بذلك، وعندما فرع من تسويده، راجعه الحافظ العراقي وسماه "غاية المقصد في زوائد أحمد" وهو في مجلدين.
ثم حبب إليه هذا التخريج فصنع "كشف الأستار عن زوائد البزار".
وقد حققه الأستاذ الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في أربعة مجلدات، نشر مؤسسة الرسالة.
ثم أتبعه بزوائد مسند أبي يعلى الموصلي، وسماه "المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي" وقد حقق الجزء الأول منه الدكتور نايف بن هاشم الدعيس، وفيه (615) حديثاً.