فَلِلتُّرْكِ وَالسُّلطَانِ ثُلْثُ خَرَاجِهَا ... وَلِلْقِبْطِ نِصْفٌ وَالْخَلائِقُ فِي السُّدْسِ
وفوق كل ما تقدم فإن المماليك فعلوا ما عجز عنه غيرهم: لقد صَفَّوُا الجيوب الصليبية تصفية نهائية من المنطقة، ودحروا جيوش المغول التي كان الكثير من الناس يزعم أنها قضاء الله قدره الذي لا مرد له.
وإليك ما كتبه تيمورلنك في رسالته إلى السلطان برقوق (796) هـ:
{قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 46].
اعلموا أنا جند الله مخلوقون من سخطه ومسلطون على من حل عليه غضبه، لا نرق لشاكٍ، ولا نرحم لباكٍ، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا، فالويل ثم الويل لمن لم يكن من حزبنا ومن جهتنا، قد خربنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأظهرنا في الأرض الفساد، وذلت لنا أعزتها، وملكنا بالشوكة أزمتها، فإن خيل ذلك على السامع وأشكل، وقال: إن فيه عليه مشكل، فقل له:
{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل: 34] وذلك بكثرة عددنا وشدة بأسنا، فخيولنا سوابق، ورماحنا خوارق، وأسنتنا بوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وجيوشنا كعدد الرمال، ونحن أبطال وأقيال، وملكنا لا يرام، وجارنا لا يضام، وعزنا أبداً لسؤدد منقام، فمن سالمنا، سلم، ومن رام حربنا، ندم، ومن تكلم فينا بما لا يعلم جُهل. وأنتم إن أطعتم أمرنا، وقبلتم شرطنا، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم، وعلى بغيكم تماديتم، فلا تلوموا إلا أنفسكم فالحُصون منا -مع تشديدها- لا تمنع، والمدائن بشدتها لقتالنا لا ترد ولا تنفع. ودعاؤكم علينا لا يستجاب فينا ولا يسمع.