ومن مظاهر الحياة الدينية عند المماليك الاحتفال بليلة النصف من شعبان، والاهتمام الزائد بالمولد النبوي، وموالد الأولياء والصالحين، وكثيراً ما تتخذ مناسبات موالد الأولياء والشيوخ مجالاً للتحرر من الأخلاق والفضيلة، وارتكاب المفاسد والشرور. وتمكنت في الناس عقيدة الكرامات لأولياء الصوفية، وكثر الحديث عما يأتون من خوارق الأعمال والكرامة في عرف البسطاء والجاهلين من الناس. وأصبح الناس يعتقدون بالتنجيم والمنجمين وعلى رأس هؤلاء الناس سلاطينهم. وقد استطاع مشايخ الصوفيين أن يدخلوا فى روع السلاطين أن بمقدروهم الكشف والتصريف والإتيان بالخوارق، وقد أحب المماليك انتشار هذا الوهم، لأن سياستهم تتطلب أناساً منصرفين عن الدنيا، زاهدين في الحياة والمال والنعيم، وهذا شيء يجيد الحديث عنه أولئك المتصوفون.
وعلى الرغم من أن سوس الفساد انتشر في بناء هذا المجتمع، فساد العسف والجور، والمصادرة، والسخرة، وعمت السرقة، والتحلل الخلقي، والفساد السياسي، والفساد الاجتماعي، والظلم الاقتصادي، فإن المماليك كانوا مهتمين بالحفاظ مظهراً على أمور الدين ورعاية أوامره ونواهيه، حتى أظهر الكثير منهم التشدد في تطبيق أحكامه ومحاربة الخارجين عليه فأخذوهم بصورة لا يقرها الشرع نفسه.
وليس أدل على ذلك من أن جماعة من الأقباط تظاهروا بالإسلام، وتسللوا إلى الوزارة والدواين فتسلطوا عليها، وتشددوا في ظلم الرعية.
قال شهاب الدين الأعرج (ت 785) هـ:
وَكَيْفَ يَرُومُ الرِّزْقَ فِي مِصْرَ عَاقِلٌ ... وَمِنْ دُونِهِ الأتْرَاكُ بِالسَّيْفِ وَالتُّرْسِ
وَقَدْ جَمَعَتْهُ الْقُبْطُ مِنْ كُلِّ وُجْهَةٍ ... لَأنْفسِهِمْ بِالرُّبْعِ وَالثُّمْنِ وَالْخُمْسِ