الكتاب «علّقه ... عبد الرزّاق بن أحمد بن محمد البغدادي، بمنزله بالخاتونية الخارجة من شرقيّ مدينة السلام، في يوم الخميس العاشر من شوّال سنة ثمانين وستمائة ...»، وفي سنة 681 هـ كان ساكنا برباط الإبريّ، من شرقي بغداد أيضا.
وهو رباط ثقة الدولة علي بن محمد الدّرينيّ زوج فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبريّ وكان شافعيّا. وكذلك كانت زوجه المذكورة، وانتقاله المفاجئ من داره إلى رباط ثقة الدولة يبعث على العجب ويحدو على المساءلة؛ فيجوز أنّه رهن داره وسكن الرباط، ويجوز أنّه تولّى الإشراف على أوقاف الرباط، مع كونه حنبليّا، وذلك من النوادر، وسيأتي ما يؤيّد أنّه تولّى الإشراف في بعض مباني الأوقاف.
وكان - رحمه الله - كثير الحركة في طلب الرّزق وعلم الحديث والأدب، يسترفد الولاة والتنّاء (?)، وأرباب الثراء؛ يستملي العلماء والادباء والشعراء والمحدّثين؛ ويستكتب الذين يلقاهم نبذا من مرويّاتهم، وقطعا من أشعارهم إن كانوا شعراء أو عالجوا النظم. ففي سنة 681 هـ التي ذكرنا أنّه كان فيها ساكنا برباط الأبريّ، سافر الى الحلّة كما ذكر هو نفسه في «تلخيص معجم الألقاب» وسافر إلى الكوفة، وكان يستعين على رقّة حاله برقّة قلوب الأثرياء والامراء والكبراء، وكثيرا ما صرّح بما أصابه من إحسان المحسنين ورفد الرافدين ونعمى المفضلين في أثناء التراجم، وهذا يدلّ على كرم خلقه وتواضعه وشكرانه للإحسان، على عكس كثير من المسترفدين المرفودين.
والظاهر أنّه كان، في أثناء إقامته ببغداد، يكثر الاختلاف الى الربط لكونها تحيا على الأوقاف، ولأنّها مأوى الفضلاء والعلماء والوافدين من الفقراء وملتقاهم. وقد قدّمنا أنّه ولد له ابنه أبو المعالي محمد سنة 685 هـ فهل معنى ذلك أنّه تزوّج ثانية، واستقرّ في داره ببغداد بعد انزياح علّته أو أنّه استجلب عياله من