[وستمائة] (?)».
ولم تدم رعاية علاء الدين الجويني لابن الفوطي أكثر من سنتين، وكذلك عناية أخيه شمس الدين محمد بن محمد الجويني؛ فلم تدم طويلا وانقطع إفضاله عليه. فقد توفّي علاء الدين في ذي الحجّة سنة 681 هـ، وقتل صبرا أخوه شمس الدين سنة 683 هـ بعد اختلال حاله وسوء مآله. ومن الغرابة بمكان أنّ ابن الفوطيّ أقام لمّا قدم بغداد في مشهد البرمة (?) في المحلّة الجعفرية؛ ولا يستغرب أن يكون للبرمة مشهد، فقد بنى لبولة الخليفة العبّاسي قبّة عالية وعمارة عرفت في أيّام ابن الفوطيّ بمشهد البولة (?)، وكانت سكناه بمشهد البرمة مع شيخه غياث الدين عبد الكريم بن طاوس العلويّ الشيعيّ الإماميّ، ولهذه الصحبة أثر في سيرته، خدع بعض الباحثين فظنّه شيعيّا، مع أنّه كان حنبليّا بإجماع من ذكر مذهبه وكونه مترجما في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب، وقد كنت ذكرت في الكلام على صباه وأوّل شبابه أنّ والده كان يحضره مجالس الصوفية، وكان ذلك غير مألوف عند الحنابلة؛ فالتصوّف من خصائص الشافعيّة إلاّ من ندر من الحنابلة. ثمّ إنّ معاشرته للحكماء بمراغة وغيرها، كنصير الدين الطوسيّ، قوّت نفسه على احتمال عيش التصوّف وخشونة العيش، بله أنّ في سكنى المشاهد والربط والزوايا تخفيفا لعبء مؤونة العيش؛ ولم يكن هو مستغنيا عن ذلك التخفيف. ثمّ إنّه قد ظئر على لبس خرقة التصوّف؛ إلاّ أنّه لم يطق الإقامة الدائمة في الرباط ولا في مشهد البرمة.
ويذكر ابن الفوطيّ ما يدلّ على أنّه كان في سنة (680 هـ) مقيما في داره ببغداد، وفيها نسخ كتاب «التنجيم» الذي أشرت اليه آنفا، وقد جاء في آخر