وإني أرجح أن على رأس الأسباب التي جعلت بعض الناس يتهاون في مسألة تنظيم الأسرة هو فقدان الوعي، وعدم الفهم السليم لأحكام الدين ولشئون الدنيا، والاستخفاف بالمسئولية نحو الأبناء.

سادسًا: هل تتعارض الدعوة إلى تنظيم الأسرة مع قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أو مع قوله سبحانه {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} أو مع قوله تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} أو مع الحديث الشريف: ((تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم بوم القيامة؟)) .

والجواب: لا تتعارض الدعوة إلى تنظيم النسل متى سيقت بأسلوب حكيم، مع قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ومع ما يشبهها من آيات كريمة وذلك لأنه لم ينكر أحد من العقلاء أن المال الحلال والذرية الصالحة هما زينة الحياة الدنيا، ولكن هناك ما هو أسمى منهما وأبقى، وهو ما وضحته بقية الآية في قوله سبحانه: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (?) أي: المال والبنون زينة يتزين بها كثير من الناس في هذه الحياة وإذا كان الأمر كذلك في عرف كثير منهم، فإن الأقوال الطيبة والأعمال الصالحة هي الباقيات الصالحات التي تبقى ثمارها للإنسان وتكون عند الله تعالى خير من الأموال والأولاد، لأن المال والبنين كثيرًا ما يكونان فتنة، كما في قوله سبحانه: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (?) أي أن أموالكم وأولادكم على رأس الأسباب التي تؤدي المبالغة في الاشتغال بها إلى التقصير في طاعة الله تعالى وإلى مخالفة أمره، فكونوا مؤثرين لرضا الله على كل شيء سواه وقال سبحانه في آية أخرى قبل هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} (?) .

فالأولاد قد يكونون زينة، وقد يكونون فتنة، وقد يكونون أعداء، وتنظيم النسل متى صاحبته النية الطيبة والمقاصد الشريفة، كان عونًا للإنسان على أن يكون الأولاد قرة عين له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015