فمثلًا هناك دول هي في حاجة إلى الكثرة البشرية لأن وسائل الإنتاج والرقي فيها تحتاج إلى هذه الكثرة القوية المنتجة الرشيدة، وأمثال هذه الدول يقال لها: مرحبًا بهذه الكثرة القوية المؤمنة العاقلة، وهناك دول لا تحتاج إلى الكثرة في عدد أفرادها لأن هذه الكثرة موجودة فيها ولأن إمكانياتها لا تتحملها، ولأن السواد الأعظم من أفرادها يعيش على جهود القلة فيها، ولأنها مع كثرتها تستورد من غيرها معظم ضروريات حياتها، وأمثال هذه الدول يكون تنظيم الأسرة فيها أمرًا مرغوبًا فيه ومطلوبًا منها مع غيره من الوسائل الأخرى التي تؤدي إلى تقدمها، كمضاعفة الإنتاج، ومواصلة تطوير الزراعة والصناعة وغيرهما، وحرص أفرادها على أداء واجباتهم بأمانة ونشاط وقوة.
إننا مرة أخرى نقول: إن الكثرة الصالحة المنتجة القوية مرحبًا بها، أما الكثرة الهزيلة الضعيفة الشاردة عن الطريق القويم، المعتمدة في كثير من ضروريات حياتها على غيرها فالقلة خير منها.
بعد هذه الحقائق التي أرجو أن تكون محل اتفاق نحب أن ندخل إلى موضوع تنظيم الأسرة أو النسل بأسلوب السؤال والجواب فنقول:
أولًا: ما معنى تنظيم الأسرة؟ وهل هناك فرق بينه وبين التحديد والتعقيم والإجهاض؟
والجواب ببساطة: تنظيم الأسرة معناه أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان يتفقان عليها فيما بينهما.
والمقصود من ذلك تقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعل الأبوين يستطيعان القيام برعاية أبنائهما رعاية متكاملة بدون عسر أو حرج أو احتياج غير كريم.
وهناك فرق شاسع بينه وبين التحديد والتعقيم والإجهاض، إذ تحديد النسل بمعنى منعه منعًا مطلقًا ودائمًا، حرام شرعًا، ومثله التعقيم الذي هو بمعنى القضاء على أسباب النسل نهائيًا.
وأما الإجهاض وهو قتل الجنين في بطن أمه أو إنزاله، فقد أجمع الفقهاء أيضًا على حرمته وأنه لا يجوز إلا إذا حكم الطبيب الثقة بأن في بقاء هذا الجنين هلاكًا للأم، أو ضررًا بليغًا سيصيبها بسبب بقائه في بطنها.