5 – أن هذا الكون قد أقامه الله تعالى – على نظام دقيق، بديع محكم، فكل شيء فيه يسير وفق تدبير متقن وتنظيم بديع، فالشمس تشرق وتغرب في وقت معلوم، ومثلها القمر والليل والنهار، كما قال سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . (يس: 40) .
وكما قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49) .
وكما قال عز وجل: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (الملك: 3) .
وإذًا فالإنسان العاقل هو الذي يتخذ النظام شعارًا له في سائر تصرفاته لأنه يوفر المجهود ويضاعف الثمرة، وما وجد النظام في شيء إلا زانه، وما فقد من شيء إلا شانه وصدق الله إذ يقول: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (الحجر: 21) .
6 – إننا نعيش في عصر لا تتنافس فيه الأمم بكثرة أفرادها، ولا باتساع أراضيها وإنما نحن نعيش في عصر تتنافس فيه الأمم بالاختراع والابتكار ووفرة الإنتاج والتقدم العلمي بشتى صوره وألوانه، هذا التقدم الذي يجعل احتياج الغير إليك أكثر من احتياجك إليه.
ونحن نشاهد أممًا أقل عددًا من غيرها ولكنها أقوى وأغنى من ذلك الغير والأمثلة على ذلك يعرفها عامة الناس، فضلًا عن علمائهم.
7 – أن من مزايا الشريعة الإسلامية أن الأمور التي لا تختلف المصلحة فيها باختلاف الأوقات والبيئات والاعتبارات تنص على الحكم فيها نصًا قاطعًا لا مجال معه للاجتهاد والنظر، كتحليل البيع وتحريم الربا، أما الأمور التي تخضع فيها المصلحة للظروف والأحوال فإن شريعة الإسلام تكل الحكم فيها إلى أرباب النظر والاجتهاد والخبرة في إطار قواعدها العامة، ومن هذه الأمور مسألة تنظيم الأسرة أو النسل، فإنها من المسائل التي تختلف فيها الأحكام باختلاف ظروف كل أسرة وكل دولة، وباختلاف إمكانياتها.