إن الفكر الإسلامي يقابل تحديات كثيرة أمام كشوف ومناهج العلم الحديث، ويتساءل المجتمع الإسلامي وبخاصة أجيال الشباب عن آراء العلماء في هذه القضايا والمشكلات، وإنهم يأملون في اجتهادات إيجابية نابعة من القرآن الكريم والسنة الشريفة، تعين على سلوك الطريق، بعد أن رضي جانب من الفكر الإسلامي خلال قرون مضت بالانطوائية والتقليد وما كان هذا ليحول دون استمرار حركة التاريخ، ومتغيرات الحياة والحوار بين الحضارات.
إن الإسلام شجرة طيبة، تضرب بجذورها في عمق الفطرة، وتمد فروعها في السماء لتحمل الزهر والثمر، وإذا كنا نستمد الأصالة من فطرة الله التي فطر الناس عليها، فإننا نحمل مسئولية الاجتهاد، وهو أرض اللقاء بين الأصالة وقضايا الحياة المتجددة.
إن كل حضارة عالمية لها سماتها الأساسية التي تسبق إلى الذهن إذا جاء ذكرها، فما هي معالم الحضارة الإسلامية في عالمنا المعاصر؟ إننا نستطيع أن نتحدث عن الماضي، وعن الصحوة المعاصرة كانطلاق تختلط فيه الإيجابيات بالسلبيات، والآمال بالعثرات.
ولكن علينا بالجهد المشترك أن نتعاون على تشكيل الملامح الطيبة للوجود الإسلامي الذي ينتظم الصف فيه بعد أن كان أمره فرطا، وتمر يد المحبة على آثار التعصب والتباعد، ويمحو فيه ضياء العلم ظلمات التخلف، وتتلاقى العقول والأيدي على صياغة الآمال أعمالا تنفع الناس، وتمكث في الأرض.
ولو نظرنا إلى هذه المسئوليات جميعا لوجدناها مستويات أربعة متوالية الاتساع، ومتبادلة التأثير، وتبدأ من تكوين الفرد المسلم إلى الأسرة المسلمة إلى المجتمع المسلم إلى مكانة هذا المجتمع في الحياة المعاصرة.
والأسرة هي خلية المجتمع ومدرسته الأولى، أقامها الله سبحانه على المودة والرحمة، وهي خير بيت ينشأ فيه الأبناء.
وإن تنظيم الأسرة حب ومسئولية، ويبدو هذا التنظيم في حسن إعداد الأبناء للحياة، فلا يحمل الأبوان فوق ما يطيقان رعايته وتربيته في عالم ازدادت فيه المسئوليات وتقدم العلم، واتسعت آفاق التخصص التي يحتاج إليها المجتمع الإسلامي.