ونعرض فيما يلي بعضاً من النصوص الفقهية:
الحنفية: يرى الحنفية أنه لا يجوز أن يقطع الإنسان جزءاً من بدنه في حالة اضطراره.
جاء في الأشباه لابن نجيم ص 87 عند شرح قاعدة الضرر لا يزال بالضرر (أنه لا يأكل المضطر طعام مضطر آخر، ولا شيئاً من بدنه) .
فهذا يدل على أن الحنفية لا يجيزون للإنسان في حالة الضرورة أن يتناول شيئاً من بدنه؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر.
وقال محمد بن الحسن: (ولا بأس بالتداوي بالعظم إذا كان عظم شاة أو بقرة أو بعير أو فرس، أو غيره من الدواب، إلا عظم الخنزير والآدمي، فإنه لا يمكن التداوي بهما، ولا فرق بين أن يكون ذكياً أو ميتاً أو رطباً أو يابساً) (?) .
الشافعية:
أجاز الشافعية انتفاع المضطر بجزء من بدنه ـ على الأصح ـ بشرط عدم وجود غير هذا السبيل، وأن يكون الخوف في قطع هذا الجزء أقل من الخوف في ترك الأكل، فإن كان مثله أو أكثر حَرُمَا جزماً.
جاء في مغنى المحتاج ج4 ص 310: (والأصح) حيث لم يجد المضطر شيئاً يأكله (تحريم قطع بعضه) كجزء من فخذه (لأكله) لأنه قد يتولد منه الهلاك.
قلت: أخذاً من الرافعي في الشرح (الأصح جوازه) لأنه إتلاف بعضه لاستبقاء كله، فأشبه قطع اليد بسبب الأكلة.
وشرطه ـ أي الجواز ـ أمران:
أحدهما: فقد الميتة ونحوها مما مر.
والأمر الثاني: أن يكون الخوف في قطعه أقل من الخوف في ترك الأكل، فإن كان مثله أو أكثر حَرُمَ جزماً.
فإن قيل: قد تقدم في قطع السلعة (?) الجواز عند تساوي الخطرين فلا كان هذا كذلك؟ أجيب بأن السلعة لحم زائد على البدن، وفي قطعها إزالة الشين، وتوقع الشفاء، ودوام البقاء، فهو من باب المداواة، بخلاف هذا، فإن فيه إفساداً وتغييراً لبنيته، وليس من باب المداوة.
ولهذا قيد البلقيني محل القطع هذا بما إذا لم يكن ذلك المقطوع يجوز قطعه في غير الأضرار، فإن كان كالسلعة واليد المتآكلة حيث جاز قطعها، فيجوز ذلك في حال الاضطرار ـ قطعاً.
الحنابلة:
جاء في المغني مع الشرح الكبير ج11 ص 79:
فإن لم يجد المضطر شيئاً لم يسمح له أكل بعض أعضائه.
وقال بعض أصحاب الشافعي له ذلك، لأن له أن يحفظ الجملة بقطع عضو، كما لو وقعت فيه الأكلة.
ولنا (الحنابلة) أن أكله من نفسه ربما قتله، فيكون قاتلا نفسه، ولا يتيقن حصول البقاء بأكله، أما قطع الأكلة فإنه يخاف الهلاك بذلك العضو، فأبيح له إبعاده ودفع ضرره المتوجه منه بتركه، كما أبيح قتل الصائل عليه ولم يكن له قتله ليأكله.