(13-1) اعتراضات الفقهاء المعاصرين على التأمين التجاري:
كان قرار مجمع الفقه الإسلامي (رابطة العالم الإسلامي) الصادر سنة 1398هـ قرارًا طويلًا مفصلًا تضمن تقرير لجنة كوَّنها المجمع وعمد إليها بصياغة القرار، وتكونت من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد السبيل، والشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله.
وقد استندت الهيئة (ثم المجمع الفقهي) في قولها بحرمة التأمين إلى ستة (أدلة) هي:
أ- أن فيه غررًا فاحشًا؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ.
ب- وأنه ضرب من ضروب المقامرة، لأن فيه غرمًا بلا جناية وغنمًا بلا مقابل، أو بمقابل غير مكافئ.
ج- وأنه يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإذا دفعت الشركة إلى المستأمن أكثر مما دفع لها فهو ربا فضل، ولأنه يدفع بعد مدة فيكون ربا نساء أيضًا.
د- وأنه من الرهان المحرم؛ لأن فيه جهالة وغررًا ومقامرة، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة: في خف أو حافر أو نصل.
هـ- وأن فيه أخذ مال الغير بلا مقابل وهو محرم.
و ويتضمن الإلزام بما لا يلزم شرعًا، لأن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه.
كما ردت على أدلة المجيزين للتأمين، فردت استدلال إباحته بالاستصلاح بالقول: إن هذه مصلحة شهد الشرع بإلغائها، وردت القول بالإباحة الأصلية لوجود النص، وردت القول بالضرورة إذ لم تر تلك ضرورة تبيح المحظور، وكذا الاستدلال بالعرف لأن العرف ليس من أدلة التشريع، ونفت أن يكون التأمين من أنواع عقود المضاربة، وردت القياس على ولاء الموالاة، لأن ذلك قصده التآخي وهذا غرضه الربح، وكذا قياسه على الوعد الملزم لأن غرضه ليس المعروف والقربة بل الربح، وقياسه على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب، لأن الضمان نوع من التبرع بينما التأمين معاوضة، وكذا قياس التأمين على ضمان خطر الطريق فإنه كما ذكرت قياس مع الفارق، كما لم تقبل قياس التأمين على نظام التقاعد، لأن التقاعد (حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسؤولًا عن رعيته، وراعى فيه ما قام به الموظف من خدمة الأمة) فليس هو من المعاوضات المالية، كما ردت القياس على نظام العاقلة لأن تحمل دية القتل الخطأ وشبه العمد الأصل فيها صلة القرابة والرحم التي تدعو إلى النصرة والتواصل، أما عقود التأمين التجارية فليست كذلك، وردت قياسها على عقود الحراسة لأن الأمان ليس محلا للعقد في المسألتين وكذا قياسه على الإيداع لأن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بالحفظ.