(13-2) صيغة التأمين المفتى بجوازها:

ذكرنا سابقًا أن الفتاوى المجمعية قد اتجهت إلى القول بحرمة التأمين التجاري، وقد قدمت ما أسمته صيغة بديلة مقبولة من الناحية الشرعية سميت التأمين التعاوني، فما هي صفة هذا التأمين وما اختلافه عن التأمين التجاري؟

ورد في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ما نصه:

(التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحًا من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر، والثاني خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة، فليس عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية) .

وقد فصل في بيان هذه الصيغة أحد الباحثين فقال: (التأمين التعاوني ويسمى التأمين بالاكتتاب، وهو أن يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتركًا معينًا، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه ضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو انقضت التعويضات المستحقة بنسبة العجز، وتدار بواسطة أعضائها فكل واحد منهم يكون مؤمنًا ومؤمنًا له) (?) .

يتضح مما سبق أن التأمين الذي تشير إليه الفتوى يتصف بما يلي:

أ- أنه اتفاق بين مجموعة المستأمنين وليس شركة مسجلة ذات ملاك وحملة أسهم.

ب- التزام كل فرد من المستأمنين فيه نحو الآخرين هو بمقدار نصيبه من الخطر العام الذي يتعرض له مجموع المشاركين، لأن هذا هو معنى التعاون والتكافل، ولذلك كان ما يدفعه من قسط محل المراجعة بالزيادة أو النقص.

جـ- إن الفتوى لا تمنع استثمار أقساط التأمين لمصلحة أصحابها، ولكنها تشترط أن يكون ذلك ضمن نطاق المباح.

وصيغة التأمين الذي أشارت إليها فتوى هيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية قابلة للتطبيق، بل هي موجودة ومعروفة، وقد أشرنا إليها آنفًا عند الحديث عن صيغ شركات التأمين، وتسمى هذه الصيغة (التأمين التبادلي) ، أما ما انتشر العمل به فيما سمي التأمين التعاوني فهي مختلفة، وسواء كانت جائزة أم ممنوعة فهي ليست تطبيقًا للفتاوى المذكورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015