فإذا آجر الناظر الوقف بأقل من أجرة المثل وبغبن فاحش وترتب عليه فساد عقد الإجارة عند الحنفية، فإن استغلها المستأجر فعليه أجر المثل كما لو أجر من غير تسمية أجر، أما إذا لم يستعمل المحتكر كالدار مثلاً يقبضها ولم يسكنه فإن الأجر لا يلزمه لأن الإجارة فاسدة، فإن سكنها فعليه أجر المثل، وعلى دفع أجر المثل جرى العمل، سكنها أو لم يسكن وبه الفتوى (?) ، ورأت المالكية أن الناظر إذا أكرى العين الموقوفة بأقل من أجر المثل ضمن الناظر تمام أجرة المثل إن كان مليئاً، وإلا رجع على المستأجر لأنه مباشر (?) ، وقالت الحنابلة بصحة عقد الإجارة إذا آجر الناظر العين الموقوفة بأقل من أجر المثل حتى إذا صاحب هذه الإجارة غبن فاحش، فعلى الناظر ضمان النقص في الأجرة فيما لا يتسامح فيه الناس في العادة إذا كان الناظر غير المستحق في الوقف، أما إذا كان هو المستحق الوحيد في الوقف فالظاهر أنه لا يضمن (?) .

وإذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المستحكرة انفسخت الإجارة وليس لورثته البناء في الأرض أو الغرس فيها إلا بإذن الناظر.

وينقضي الحكر بهلاك العين الموقفة بناءً أو غرساً، فإذا خرب البناء الذي بناه المستحكر في أرض الوقف وزال عنها بالكلية ينقضي حق المحتكر في القرار فيها إذا كان ذلك بعد انقضاء مدة الإجارة، وكذلك إذا فنيت الأشجار التي في الأرض الزراعية وذهب كردارها فلا يبقى للمحتكر حق الاستمرار إن حصل ذلك بعد انقضاء مدة الإجارة.

إن ما قدمناه من الأحكام والفروع الفقهية اختلاف الأئمة فيها من حيث الجواز والمنع، ومن الشروط المشترطة من الأحكام المتعلقة بالخلو وما يترتب عليه من الحقوق ودوافع ذلك كله مرجعه إلى تحقيق خصيصة هي المقصود الأول من الوقف، وهي استمراريته وتأبيده وبقاؤه بطريقة تحقق الانتفاع به فيما استقبل من الزمان وبقاء غلبته واستثماره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015