القول الثاني: قال الدردير: إن الفتوى السابقة مكذوبة على من نسبت إليه، ومراعاة مشهور المذهب تقتضي عدم التوريث فيما فتح عنوة بل يفعل السلطان أو نائبه ما فيه مصلحة ولا تورث، بل الحق لم يقرره فيها نائب السلطان لأنها مكتراة والخراج كراؤها، ولا حق للمكتري في مثل هذا، ثم إنه إذا تنازل من هي بيده لغيره مقابل عوض مالي على أن يكون الخراج على المسقط له، فقد أفتى الشيخ عليش بجواز ذلك على أن يكون العوض من غير جنس ما يخرج منها.

التحكير نوع من الإجارة وشرط الإجارة في الأصل العلم بالمدة بدءاً ونهاية، أما التحكير فقد قال العدوي من المالكية: جرى العرف عندنا بمصر أن الاحتكار مستمر للأبد، وجرى العرف بذلك، وليس لمتولي أمر الوقف إخراجه إلا بشرط وقصد أن ليس على الأبد، إذ الناس على شروطهم ويثبت للمحتكر حق القرار إذا وضع بناءه في الأرض مادام أسُّ بنائه قائماً فيها، ولا يكلف برفع بنائه ولا بقلع غراسه مادام يدفع أجرة المثل المقررة على ساحة الأرض المحتكرة، إلا إذا كان مفلساً هو أو وارثه أو كان سيئ المعاملة أو متغلباً يخشى على الوقف منه إلى غير ذلك من الأضرار، لقاعدة أن الضرر يزال (?) .

وقد اختلف الفقهاء في تحكير الأرض بأقل من أجرة المثل، قالت الحنفية لا يجوز لمن له حق إجارة الوقف أن يؤجره بأقل من أجرة المثل حتى لو كان المؤجر هو الناظر، ويعد ذلك من الناظر خيانة، اللهم إلا إذا كان النقصان يسيراً بحيث يتغابن الناس في مثله ويتسامح وتنفذ الإجارة معه (?) ، وفرقت الشافعية والحنابلة بين أن يؤجر المتولي العين الموقوفة عليه أم لا؟ ففي الحالة الأولى لا يجوز له أن يؤجرها بأقل من أجرة المثل، أما في الحالة الثانية فإن ذلك له، قياساً أولياً على صحة الإعارة منه كما هو مذهب الشافعي، وباعتبار نقل ملكية المنافع للموقوف عليه عند الشافعية والحنابلة (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015