ولذا كان من الواجب الإنفاق عل عمارته وصيانته من الضياع والخراب حتى يستمر في تقديم خدماته وفي تجديد ثمراته وتوليد دخله في مستقبل الأيام والانتفاع بمدخوله جيلاً بعد جيل من المحبس عليهم.
ولقد أكد الفقهاء وأجمعوا على لزوم عمارة الوقف سواء اشترطها الواقف أو لم يشترطها تحقيقاً لقاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) .
ولذا مادام الوقف ينبغي أن يكون مؤبداً ومستمراً كان ولابد من صيانته محافظة على الوقف بالصورة التي كان عليها عندما أوقفه صاحبه، ولذا كانت أكبر مهمة الواقف أو ناظره –تحقيقاً للانتفاع به- أن يتولاه بالرعاية والإصلاحات اللازمة حتى يبقى صالحاً لأداء مهمته، سواء أكان ذلك بالانتفاع بالسكنى أم الانتفاع بثمراته.
ثم إذا نظرنا إلى الأحباس نظرة اقتصادية نرى أن من أهم اختصاصات الوقف أن ينصب على العقارات، والقليل منها على المنقولات وكلها تنصرف إلى الأهداف التي من أجلها وقفت.
ونحن إذا نظرنا إلى استثمار مشروع يحقق المقاصد والغايات التي من أجلها شرع، نرى أن الأوقاف عموماً لديها الكثير من عنصر معين هو المال غير السائل على شكل عقارات كالدور والحوانيت والأراضي الزراعية ونحوها من كل ما يصح وقفه.
والعنصر الهام جداً هو العمل حتى يبقى صالحاً للاستثمار، ومن هنا جاء طريق الإيجار الذي يتطلب شيئاً من الأعمال: أعمال المراقبة والنظارة، والتعهد بالصيانة ومتابعة المستأجرين والدخول في عقود معهم، وهو حينئذٍ يتطلب شيئاً من الأعمال الإدارية والتنفيذية والتنظيمية، فالأوقاف عموماً: عنصر العمل لديها عنصر قليل، ويستنتج من ذلك أن من الخصائص البارزة في الأحوال الوقفية أنها قليلة السيولة (?) ، والعقارات حتى في الأموال التي يجوز فيها شرعاً بيعها واستبدالها ببديل مثل العقار بالعقار، حتى في هذه الأحوال، فإن تحويلها من عقارات إلى أموال سائلة أمر يتطلب نفقات ووقتاً لا يستهان به، عندئذٍ يمكن اعتبار انخفاض السيولة خصيصة مميزة من خصائص أموال الأوقاف، فإذا ما أردنا أن نستثمر أموالاً وقفية بصيغة من صيغ الاستثمار العقارية، كأن ننشئ بناءً فوق أرض وقفية حتى نؤجره وننتفع بعوائد دخله لما يتطلبه الوقف من أموال حاضرة نستطيع بها تحويل الوقف من حالة إلى حالة.