الحالة الثالثة: الخلو في أراضي بيت المال، وهي التي فتحت عنوة وأبقيت بأيدي أربابها من أهل الأرض بالخراج، وأما الأراضي التي آلت إلى بيت المال بموت أربابها أو فتحت عنوة وأبقاها الإمام لبيت المال وهي المسماة (أرض الحوز) ، فإذا دفعها الإمام إلى الرعية كانت بأيديهم وليس لهم بيعها ولا استبدالها إلا بإذن الإمام، ولا يكون ملكاً لأحد إلا بتمليك السلطان له، ثم من هي تحت يده إن تسلمها بوجه حق فهو أولى بها من غيره، مادام يدفع أجر المثل فيكون له فيها (مشد مسكة) أي يتمسك بها مادام حياً في الحرث وغيره، وحكمها أنها لا تقوم ولا تملك ولا تباع، وكذلك إن أجرى فيها كراباً أي حرثاً أو كراء (?) أنهارها مما لم يكن مالاً ولا بمعنى المال وهو مجرد الفلاحة، فليس ذلك متقوماً لأنه بمعنى الوصف فلا يباع ولا يورث، فإذا كان له كردار من بناء أو أشجار فإنه يباع ويورث دون الأرض ولم يسموه خلواً، وإن كان المالكية يسمونه خلواً وألحقوه بالخلو، وهذا اختلف فيه المتأخرون من المالكية على قولين:

القول الأول: أفتى بعضهم بأنه يورث وألحقوه بالخلوات والخراج كالكراء، وإنما يلحق بها إن حصل من واضع اليد على الأرض أثر فيها كإصلاح بإزالة شوكها أو حرثها أو نصب جسر عليها أو نحو ذلك مما يلحق بالبناء في الأوقاف، فيكون الأثر الذي عمله في الأرض خلواً ينتفع به ويملك، وكأن الذين أفتوا بذلك نظروا إلى أنه لا يسلم الأمر من وقوع شيء من هذا النوع أو من دفع مغارم للملتزم وهو الذي يتقبل الأرض من السلطان مقابل مال يدفعه له، ويأخذ الملتزم المال من الفلاحين لتمكينهم من الأرض، قال الشيخ عليش: والذي ينبغي في هذا الزمان الإفتاء بالإرث ولأنه أدفع للنزاع والفتن بين الفلاحين، وللملتزم الخراج على الأرض لا أكثر، وألا يكون له عزل الفلاحين عن أثر له في الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015