الشرط الثالث: ثبوت العرف في منافع الوقف بالوجه الشرعي، ولا يقبل قول الناظر في مصرف الوقف، وإذا توفرت هذه الشروط ثبت الخلو للمستأجر وكان مالكاً له، أصبح من حقه التصرف فيه بالبيع والإجارة والرهن والهبة والعارية والوصية وغير ذلك، فإذا باعه أو أوصى به فمن صار إليه الخلو أخذ حكم من كان قبله (?) .
أما وقف الخلو فاختلف فيه القوم، فجمهور متأخري المالكية قالوا بجواز وقفه لأن منفعة العقار الموقوف، بعضها موقوف وبعضها غير موقوف، وهذا البعض غير الموقوف هو الخلو فيجوز أن يتعلق به الوقف إذا جرت العادة به، والقول المقابل أن الخلوات لا يجوز وقفها لأنه منفعة وقف وما تعلق الوقف به لا يوقف (?) .
قال أحمد السنهوري وعلي الأجهوري: محل صحة وقف المنفعة إن لم تكن منفعة حبس، لتعلق الحبس بها وما تعلق به الحبس لا يحبس، ولو صح وقف منفعة الوقف لصح وقف الوقف، واللازم باطل شرعاً وعقلاً، فكل ذات وقفت إنما يتعلق الوقف منفعتها وأن ذاتها مملوكة للواقف، قال الأجهوري: وبهذا نعلم بطلان تحبيس الخلو، ووافق الأجهوري على فتواه الشيخ عبد الباقي الزرقاني، لكن لما روجع بفتوى اللقاني بجواز بيعها وإرثها أفتى بجواز وقفها (?) .
والأصل عند الحنفية أنه لا يجوز وقف البناء بدون الأرض سواء أكانت الأرض مملوكة أم كانت موقوفة على جهة أخرى، قال ابن عابدين: أفتى بذلك العلامة قاسم وعزاه إلى محمد بن الحسن وإلى هلال والخصاف، ثم قال: وحيث تعورف وقفه جاز، وقال ابن الشحنة: إن الناس منذ زمن قديم نحو مائتي سنة على جوازه، والحكم به من القضاة العلماء متواتر والعرف جار به، فلا ينبغي أن يتوقف فيه. أهـ.
وقد سئل ابن نجيم عن البناء والغرس في الأرض المحتكرة هل يجوز بيعه ووقفه؟ فأجاب: نعم، قال ابن عابدين: ووقف الشجر كوقف البناء، أما مجرد الكبس بالتراب ونحوه مما هو مستهلك كالسماد فلا يصح وقفه، ونقل عن الإسعاف في أحكام الأوقاف أنه لا يجوز وقف ما بني في الأرض المستأجرة ما لم تكن متقررة للاحتكار.
وقد تقدم ذكر الحالة الأولى: في نشوء حق الخلو في العقارات والأوقاف وذلك بطريق الاتفاق بين الواقف أو الناظر وبين المستأجر.