وقد بين الزرقاني أن الاستمرار في المأجور هو الفائدة في الخلو، إذ هو الفرق بينه وبين الإجارة المعتادة، فالفائدة إذن أن ليس لمن له التصرف في المنفعة التي استأجرها أكان مالكاً أم ناظراً أن يخرجها عنه وإن كانت الإجارة مشاهرة.
إن مستند المالكية في إثبات حق الاستمرار إنما هو المصلحة، وعلى هذا الطريق وقعت الفتوى من شيوخ فاس المتأخرين كالقصار وابن عاشر وأبي زيد الفاسي وأمثالهم، فكانت فتواهم كفتوى الناصر اللقاني وأخيه شمس الدين اللقاني.
المقدار الذي يدفعه الحكر: لا يخفى أن الوقف يؤجر بأجر المثل، ولا يجوز أن ينقص عن أجر المثل إلا القدر الذي يتغابن به الناس عادة، والمشهور عند الحنفية والمالكية أنه لا تؤجر دار الوقف أو دكانه لأكثر من سنة، هذا هو الأصل فيها ولا أرض الوقف لأكثر من ثلاث أو أربع سنوات فإن زادت أجرة المثل في أثناء المدة زيادة معتبرة، وجب فسخ العقد وإجارته بأجر المثل ما لم يقبل المستأجر الزيادة، أما إذا انتهت المدة فللناظر إجارتها للمستأجر الأول بأجر المثل أو إخراجه عنه وإجارته لغيره بأجر المثل، وهذا إن لم يكن للمستأجر حق الخلو، أما إذا دفع لمصلحة الوقف مالاً للواقف أو الناظر، كان له استحقاق البقاء إن كان يدفع من الأجر مثل ما يدفع غيره وإلا جاز إجارته لغيره.
ولثبوت ملكية الخلو في عقار الوقف شروط ذكرها الأجهوري، فقال: يشترط لصحة الخلو:
أولاً: أن يكون المدفوع من المال من الساكن الأول عادة على الوقف يصرفها في مصالحه، فما يفعله الآن من أخذ المال يريد الخلو ويصرفه في مصالح نفسه ويجعل لدافعها خلواً غير صحيح ويرجع بها دافع الدنانير على الناظر.
ثانياً: ألا يكون للوقف ريع يعمر منه، فإن كان له ريع يعمر به، مثل أوقاف الملوك الكثيرة فيصرف عليها منه، ولا يصح فيه خلو ويرجع دافع الدراهم بها على الناظر، لأنه ينزع منه على شرط لم يتم لظهور عدم صحة خلوه.