ونقل ابن عابدين قال: ممن أفتى بلزوم الخلو الذي يكون مقابل مال يدفعه المالك أو متولي الوقف العلامة المحقق عبد الرحمن العصادي، فقد قال: لا يملك صاحب الحانوت إخراجه منها ولا إجارتها لغيره ما لم يدفع له المبلغ المرقوم فيفتي بجواز ذلك للضرورة قياساً على بيع الوفاء الذي تعارفه المتأخرون (?) وفي الفتاوى الخيرية للرملي الحنفي ما يفيد أن الخلاف في هذه المسألة معتبر، فقد أفتى الشيخ الناصر اللقاني ومن تابعه بصحة ذلك، فيقع اليقين بارتفاع الخلاف بحكم القاضي لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، حيث استوفى شرائطه، وحينئذٍ يصح الحكم ويرتفع الخلاف خصوصاً فيما للناس إليه ضرورة ملحة وخصوصاً في المدن الكبيرة المشهورة، فإنهم يتعاطونه ولهم فيه نفع كلي يضر بهم نقضه وإعدامه (?) .
وأول فتيا صدرت عند المالكية فتيا الشيخ ناصر الدين اللقاني في إنشاء الخلو وتملكه وجريان الإرث فيه وهي مخرجة على النصوص على ما قاله الغرقاوي من المالكية، وأجمع على العمل بها واشتهرت في المشارق والمغارب (?) .
وحيث جرى العرف عند إنشاء الخلو على استمرار حق صاحبه فيحمل عليه عند الإطلاق فيكون الإحكار مستمراً أبداً، إذ جرى العرف بذلك، والعرف عندنا كالشرط، وعليه فمن احتكر أرضاً مدة ومضت فله أن يبقى، وليس لمتولي أمر الوقف إخراجه، اللهم إلا أن حصل ما يدل على قصد الإخراج بعد مدة وأنها ليست على الأبد، فإنه يعمل بذلك (?) .
وقال الدسوقي: يجوز استئجار شيء مؤجر مدة تلي مدة الإجارة الأولى للمستأجر نفسه أو لغيره، مالم يجر عرف بعدم إيجارها إلا للأول كالإحكار بمصر، وإلا عمل به، لأن العرف كالشرط، فإذا استأجر داراً موقوفة مدة معينة وأذن له الناظر بالبناء فيها ليكون له خلواً وجعل له حكراً كل سنة لجهة الوقف، فليس للناظر أن يؤجرها لغير مستأجرها مدة إيجار الأول لجريان العرف بأنه لا يستأجرها إلا الأول، والعرف كالشرط، فكأنه اشترط عليه ذلك في صلب العقد (?) ، قال الدسوقي إن استحقاق مالك الخلو في استئجار عقار الوقف لمدة لاحقة لا يصح، إلا إن كان يدفع من الأجر مثل ما يدفع غيره، وإلا جاز إيجارها للغير، ومثل هذا الكلام لابن عابدين في دفع أجر المثل وإلا كانت سكناه بمقابلة ما دفعه من الدراهم عين الربا، كمن قالوا فيمن دفع للمقرض داراً ليسكنها إلى أن يستوفي قرضه يلزمه أجرة مثل الدار (?) .