واختلف في لزوم الخلو في الصور الأربعة غير الصورة الخامسة، إن الخلو الذي ينشأ للمستأجر مقابل مال دفعه إلى ناظر الوقف اعتبره الحنفية بعده نوعاً من بيع الحقوق المجردة، أي كحق الشفعة وحق الوظائف في الأوقاف من إمامة وخطابة وتدريس في جواز التنازل عنها بمال، وقد اختلف الحنفية فيه على قولين وهما مبنيان على اعتبار العرف الخاص أو عدم اعتباره، فمن لم يعتبره قال: لا يجوز بيع الحقوق المجردة والتي منها الخلو باعتبار أن العمل في بلد لا يدل على الجواز، ما لم يكن على الاستمرار من الصدر الأول فيعتبر دليلاً على تقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياهم عليه ويكون شرعاً منه، فإذا لم يكن كذلك لا يكون فعلهم حجة إلا إذا كان من الناس كافة في كل البلدان فيكون حينئذٍ إجماعاً، قال ابن عابدين: يلزم من عدم إخراج صاحب الحانوت لصاحب الخلو حجر الحر المكلف عن ملكه وإتلاف ماله، قال: وفي منع الناظر من إخراجه تفويت نفع الوقف وتعطيل ما شرطه الواقف من إقامة شعائر مسجد ونحوه (?) .

لكن قد أفتى كثير من العلماء باعتبار العرف الخاص كالعرف العام، وبناءً عليه أجازوا النزول على الوظائف الموقوفة بمال وأفتوا بلزوم خلو الحوانيت، وبهذه الفتوى يصير الخلو في الحانوت حقاً لصاحب الخلو وليس لمالكها إخراجه منها ولا إجارته لغيره.

وقد كان السلطان الغوري لما بنى البلدة أسكنها للتجار بالخلو، وجعل لكن حانوت قدراً أخذه منهم وكتب ذلك بمكتوب الوقف، ومنع جماعة من العلماء إثبات الخلو وعدم صحة بيعه، وألف الشيخ الحموي رسالة سماها (مفيدة الحسنى في منع ظن الخلو بالسكنى) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015