أحكام الخلو: تختلف باختلاف العقارات، إما عقارات أوقاف أو الأراضي الأميرية أو العقارات المملوكة ملكاً خاصاً.
القسم الأول: الخلو في عقارات الأوقاف (وهو موضوع بحثنا) وله أحوال:
الحالة الأولى: أن ينشأ باتفاق بين الواقف أو الناظر وبين المستأجر، وله خمس صور:
الصورة الأولى: أن يكون الوقف آيلاً للخراب فيؤجره الناظر لمن يعمره بحيث يصير الحانوت مثلاً يكرى بثلاثين ديناراً في السنة، ويجعل عليه لجهة الوقف خمسة عشر ديناراً فتصير المنفعة مشتركة بين المكتري وبين جهة الوقف، وما قابل الدراهم المعروفة في التعمير هو الخلو. وشرط جوازه أن لا يوجد للوقف ريع يعمر به الوقف.
الصورة الثانية: أن يكون لمسجد مثلاً حوانيت موقوفة عليه واحتاج المسجد للتكميل والإصلاح والتعمير ولم يكن الريع كافياً، فيعمد الناظر إلى مكتري الحوانيت فيأخذ منه قدراً من المال يعمر به المسجد وينقص عنه من أجرة الحوانيت مقابل ذلك، بأن تكون الأجرة في الأصل ثلاثين في كل سنة فيجعلها خمسة عشر فقط في كل سنة، وتكون منفعة الحوانيت المذكورة شركة بين المكتري وبين جهة الوقف، وما كان منها لذلك المكتري هو الخلو والشركة بحسب ما ينفق عليه صاحب الخلو وناظر الوقف على جهة المصلحة.
الصورة الثالثة: أن تكون أرضاً موقوفة ولم يكن هناك ريع تعمر به وتعطلت بالكلية، على ما ذكره الدردير، فيستأجرها من الناظر ويبني فيها للوقف داراً مثلاً على أن عليه لجهة الوقف في كل أربعة أشهر عشرة دنانير، ولكن الدار بعد بنائها تكرى بستين مثلاً، فالمنفعة التي تقابل الثلاثين الأخرى يقال لها الخلو. قال الشيخ عليش: وهذا الذي أفتى به فقهاؤنا ووقع العمل به من غير نزاع، ويجب تقييد ذلك بما يثبته بالبينة على أنه يملك ما يقابل البناء أو الغرس، وهو حق الخلو. أما إذا بنى أجنبي في الوقف شيئاً فإنه يكون ملكاً، والغرس كالبناء وإذا كان ملكاً فله نقضه أو قيمته منقوصاً إن كان في الوقف ما يدفع منه ذلك، هذا إن كان ما بناه لا يحتاج إليه الوقف، وإلا فيوفي ثمنه من الغلة قطعاً بمنزله ما بناه الناظر (?) .
الصورة الرابعة: أن يريد الواقف بناء محلات للموقوف، فيأتيه أشخاص يدفعون له أموالاً، على أن يكون لكل شخص محل من المحلات يسكنها بأجرة معلومة يدفعها كل شهر، فكأن الواقف باعهم حصة من تلك المحلات قبل التحبيس وحبس الباقي، فليس للواقف تصرف في تلك المحلات ولكن له الأجرة المعلومة كل شهر أو كل سنة، وكأن دافع الثمن شريك للواقف بتلك الحصة (?) .
قال الرملي الحنفي: وربما بفعله تكثر الأوقاف، قال: ومما بلغني أن بعض الملوك عمر مثل ذلك بأموال التجار ولم يصرف عليه من ماله لا درهماً ولا ديناراً، بل فاز بقربة الوقف وفاز التجار بالمنفعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب ما يخفف على أمته (?) ، ودين الله يسر وليس بعسر، ولا مفسدة في ذلك في الدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يسروا ولا تعسروا)) (?) .