القول الثالث: قول بعض الشافعية أنه ممنوع مطلقاً، وهو ما ذهب إليه الزركشي والأوزاعي.

وإذا أنشأ الناظر خلواً على الوقف بمال أخذه من أحد ليعمر به الوقف حيث المال يعمر به، وذلك على أن يكون جزء من منفعة الوقف مملوكاً لدافع المال وهو ما يسمى بالخلو، فلا يجوز بيع كل المنفعة، لأن ذلك يؤدي إلى بطلان الوقف ويجعل على الخلو حكراً دائماً في الجزء الذي لم يملكه من المنفعة يدفع للناظر حقاً للجهة المستحقة في الوقف. قال الشيخ عليش: من استولى على خلو يكون عليه لجهة الوقف أجرة للذي يؤول إليه الوقف، سمي عندنا في مصر حكراً لئلا يذهب الوقف باطلاً (?) .

والخلو في كتب متأخري الفقهاء استعملوه بمعنى المنفعة التي يملكها المستأجر لعقار الوقف مقابل مال يدفعه إلى ناظر الوقف لتعميره إذا لم يوجد ما يعمر به، على أن يكون له جزء من منفعة الوقف معلوم بالنسبة كنصف أو ثلث ويؤدي الأجرة لحظ المستحقين عن الجزء الباقي من المنفعة، وينشأ ذلك بطرق مختلفة.

وقد عرفه الزرقاني (أي الخلو) بتعريف أعم فقال: هو اسم لما يملكه دافع الدراهم في المنفعة التي دفع في مقابلتها الدراهم (?) . وقد ذكر البناني في حاشيته على شرح الزرقاني أن الخلو في الأوقاف وسماه شيوخ المغاربة في فاس بالجلسة (?) وهو كما نعبر عنه بالإنزال في بلادنا تونس. ومن استولى على الخلو يكون عليه لجهة الوقف أجرة للذي يؤول إليه الوقف. وهي معان كلها تصب على شيء واحد المقصود بها ألا يذهب الوقف باطلاً. ولا يصح الاحتكار إلا إذا كان بأجرة، ولا تبقى على حالة واحدة بل تزيد الأجرة وتنقص باختلاف الزمان.

ويظهر من استعمال الفقهاء أن المراد بهذه الألفاظ التنازل عن حق من مثل وظيفة لها راتب من وقف ونحوه، أو التنازل عن الخلو من مالكه لغيره بعوض فهو بيع للمنفعة المذكورة، إلا أنه خص باسم الإفراغ تمييزاً له عن البيع الذي ينصرف عند الإطلاق إلى بيع الرقبة، ولعل تسميته بالفراغ والإفراغ لأن مالكه لا يملك رقبة الأرض بل يملك حق التمسك بالعقار أو بعض منفعته، ويؤخذ هذا من كلام الشيخ عليش (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015