وفي الحديث: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له بخير)) (?) .

والوقف من خصائص الإسلام، والثابت من الأحكام فيه قليل نادر، والأصل فيه حديث ابن عمر الذي تقدم ذكره، بل معظم أحكامه ثابت بالاجتهاد من العلماء والاعتماد على الاستحسان والاستصلاح والعرف. وسببه في الدنيا بر الأحباب، وفي الآخرة بحسن النية وتحصيل الثواب. وذهبت الحنفية إلى إباحته بدليل صحته من الكافر، وقد يصبح واجباً بالنذر.

وصفة الوقف: هو تبرع غير لازم، فللواقف الرجوع فيما أوقفه، فيأخذ حكم الإعارة غير اللازمة، فلصاحبه أن يرجع فيه متى شاء. ويبطل بموته باعتبار أن الملك انعدم بهلاكه وانتقل إرثاً لورثته كما هو مقرر في باب الإعارة.

ومن المعلوم أن الأوقاف العامة تنتقل ملكيتها من صاحبها إلى الأمة، فمن بنى مسجداً وأذن بالصلاة فيه انتقل ملكاً عاماً للدولة، بحيث تتولى تسمية إمامه ومؤذنيه وسدنته، ويصير ملكاً من الأملاك العامة لمصالح المسلمين، وهكذا كل ما كان من الأحباس العامة كالتحبيس على المستشفيات ودور التعليم والمصالح العامة، ومنها التحبيس على الفقراء والمساكين وتحقيق مصالح المسلمين كالجيش وإنشاء المنشآت العمومية التي ترجع بالمصلحة العامة وتحقق غاية من الغايات التي يقصدها المحبس تحقيقاً لمصلحة دنيوية لبلاده، وسد حاجة من حاجاته، ويريد ثواب الله تعالى في الآخرة.

ولو فرضنا أن أحدا أوقف أرضا بقصد أن ترجع ثمرتها لتحقيق مصلحة عامة من مصالح المسلمين أو عقارا غير جاهز للإيجار وهو مبني ولكنه غير جاهز للاستخدام الزراعي إن كانت أرضا زراعية أو الانتفاع به إن كان عقارا إذ يحتاج إلى تمويل للاستثمار أو إلى مزيد من الاستثمار حتى يصبح صالحاً لتوليد الدخل وطرقه. وإذا كان الوقف مثلاً أرضاً صالحةً للبناء وغير صالحة للزراعة وليس لدى أهلها أموال كافية للبناء على هذه الأراضي أو بناء حبس مستثمراً حالياً ولكن العائد من استثماره ضئيل، في حين أنه لو نقض هذا البناء وجدد مكانه بناء آخر، لأمكن الحصول على عائد هو أضعاف مدخوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015