ولو نظر إلى بعض الطرق التي نص عليها الفقهاء لحل هذه المشكلة وتمويل الأوقاف واستثمارها أحسن استثمار وهو ما يعبر عنه بعضهم بحقوق القرار على الأوقاف، ولو رجعنا إلى المدخل لنظرية الخزانة العامة في الفقه الإسلامي للشيخ مصطفى أحمد الزرقاء، وقد قرر أن أول طريقة لاستثمار أرض وقفية مما ذكره الفقهاء هي ما يسمى بحق الحكر، وهو حق قرار المرتب على الأرض الموقوفة بإجارة مديدة تعقد بإذن القاضي ويدفع فيه المستحكر لجانب الوقف مبلغاً معجلاً يقارب قيمة الأرض، ويرتب مبلغاً آخر ضئيلاً يستوفي سنوياً لجهة الوقف من المستحكر أو ممن ينتقل إليه هذا الحق، على أن يكون للمستحكر حق الغرس والبناء وسائر أوجه الانتفاع.

وحق هذا الحكر قابل للبيع والشراء وينتقل إلى ورثة المستحكر، وإن الغرض من هذا العقد أن يستفاد من استثماره. والحكر بكسر الحاء هو ما يجعل على العقارات ويحبس، وهو لفظ مولد كما نص على ذلك ابن منظور في لسان العرب، وتاج العروس للفيروزآبادي، وهو في اصطلاح الفقهاء يطلق على ثلاثة معان:

الأول: الأجرة المقررة على عقار محبوس في الإجارة الطويلة ونحوها، ومن هذا الاستعمال ما قال ابن نجيم: من بنى في الأرض الموقوفة المستأجرة مسجداً أوقفه لله تعالى، فإنه يجوز، وإذا جاز فعلى من يكون حكره؟ الظاهر أن يكون على المستأجر مادامت المدة باقية، فإذا انقضت ينبغي أن يكون في بيت المال، وفي فتاوى عليش: ومن استولى على الخلو يكون عليه لجهة الوقف أجرة للذي يؤول إليه الوقف، ويسمى عندنا بمصر حكر، لئلا يذهب الوقف باطلاً (?) .

الثاني: أن يطلق على العقار المحتكر ذاته فيقال: هذا حكر فلان (?)

الثالث: أن يطلق على إجارة طويلة الأمد ويسمى التحكير أو الإحكار بمعنى الإيجار أو التأجير (?) قال ابن عابدين: الاحتكار إجارة يُقصد بها منع الغير واستيفاء الانتفاع بالأرض (?) . وفي الفتاوى الهندية: الاستحكار عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض للبناء أو الغرس أو لأحدهما، ويكون في الدار والحانوت أيضاً (?) ومراد ابن عابدين من قوله: "يقصد بها منع الغير" أي من المنافسة فيما لو أجرت الأرض إجارة قصيرة وانتهت المدة، فمن يستأجرها إجارة طويلة يأمن من المنافسة ويمنعها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015