المبحث الثاني
طرق استثمار موارد الوقف في الفقه
مدخل:
الحديث عن طرق استثمار موارد الوقف في الفقه يستلزم - ابتداء- الحديث عن كيفية الانتفاع بالموقوف عموماً مع بيان أن تلك الكيفية قد تكون محكومة بنص من الواقف، وقد لا تكون، وفي كل قد يختلف الحكم.
ونبدأ بكيفية الانتفاع بالمال الموقف فنقرر أنه يختلف بحسب طبيعة ذلك المال فالمصاحف ينتفع بها بالتلاوة فيها، والكتب بالقراءة والمطالعة، والأسلحة يجهز بها الجند للجهاد، وفي الأرض الزراعية الانتفاع بها يكون بزراعتها، وبالدور بالسكنى فيها أو بإجارتها وهكذا (?) .
وفي كل الأحوال فإن الواقف إذا نص على كيفية الانتفاع يؤخذ بنصه إلا إذا خالف الشرع والعرف، فإذا نص على كيفية الانتفاع وكان للانتفاع وجه واحد هو الذي نص عليه أخذ بنصه، وإن كان له أكثر من وجه ونص عليها جميعاً كان للموقوف عليهم الحرية في اختيار طريقة الانتفاع التي يفضلونها، وإذا قيدهم بوجه من وجوه الانتفاع المتعددة كأن يقف داره لطلبة العلم على أن يسكنوها فهل يجوز لهم إجارتها؟ وإذا وقفها عليهم ليؤجرها فهل لهم سكناها؟
في مثل هذه الصورة يرى المالكية ضرورة التزام شرط الواقف (?) ، بينما يرى الحنفية أن الشرط إذا كان السكنى فلا يجوز الاستغلال بالأجرة، وإن كان الشرط الاستغلال بالأجرة جاز الأمران الاستغلال أو السكنى (?) أما الحنابلة فيرون جواز التصرفين مطلقاً، لأن المقصود من الوقف الانتفاع فيثبت بكافة وجوهه من غير تقييد الموقوف عليهم بشيء فيه، ورأي الحنابلة هو الذي أخذت به كثير من تشريعات الوقف في العالم العربي، إلا إذا كانت المصلحة في التقييد، فللقاضي أن يمنع من استعمال الحق على الصفة المضرة بالوقف ويقر ما يكفل مصلحته (?) .