وفي غير المسجد أيضاً لا يجيزون بيع العقار، أما المنقول فيجيزون –على الأصح - بيع حصر المسجد إذا بليت، وجذوعه إذا انكسرت ولم تصلح إلا للإحراق فتباع ويصرف ثمنها لمصالح المسجد، ومقابل الأصح عدم جواز ذلك (?) .
وبالجملة فإن الشافعية لا يميلون للبيع تمسكاً بحديث سيدنا عمر: ((لا تباع ولا توهب ولا تورث)) .
أما الحنابلة فيجوز البيع عندهم مطلقاً في أي وقت تخرب وتعطلت منافعه، ويبدؤون في البيع بالبعض إذا كان ثمنه يوفي بعمارة الجزء الآخر وإلا يباع الكل، وعند شراء بدل الوقف لا يشترطون أن يكون من جنس الموقوف الأول لأن المقصود المنفعة، إلا أنهم لا يجيزون البيع لقلة النفع إلا أن ينعدم النفع كلية (?) ، والحنفية يمنعون من بيع المسجد ويبقى مسجداً مع خرابه في المفتى به عندهم، ويرى الإمام محمد منهم رجوعه إلى الواقف أو ورثته.
أما الموقوف غير المسجد فيجيزون بيعه ويكون الحق في ذلك للواقف وحده إذا شرطه لنفسه، وله ولغيره إذا كان الشرط على ذلك، ويكون للقاضي إذا سكت الواقف عن الشرط أو نهى عن البيع، ولكنه يتقيد بحالتين هما: حالة الضرورة الملحة كأن يعرض للأرض ما يجعلها غير صالحة للزراعة، أو تتهدم الدار الموقوفة، أو تشرف على السقوط مع عدم وجود مال مدخل للوقف يمكن إنفاقه في الإصلاح.
وحالة المصلحة الراجحة وهي ما إذا كان الموقوف منتفعاً به لكي يمكن أن يستبدل به ما هو أكثر نفعاً، وهذا رأي أبي يوسف.
وهناك حالتان أخريان –يحق فيهما الاستبدال للقاضي ولناظر الوقف، هما: إذا غصبت الأرض الموقوفة وعجز المتولي عن استردادها لعدم وجود المستندات الكافية عنده مع قبول الغاصب لدفع القيمة، أو الصلح على شيء من المال، وعند أخذ القاضي أو المتولي القيمة يشتري بها عقاراً يجعله بدل العقار الأول.
والحالة الثانية إذا غصبت الأرض الموقوفة وأفسدها الغاصب بأن أجرى عليها الماء حتى بطل الانتفاع بها فعلى القاضي أو المتولي أخذ القيمة على أن يشتري بها أرضاً يجعلها وقفاً بدل الأرض الأولى.
وفي كل الأحوال فإن الاستبدال يشترط فيه:
أ-ألا يكون في المبادلة غبن فاحش لجهة الوقف لا في بيع العين الأولى، ولا في شراء العين الثانية.
ب-ألا يكون في المبادلة تهمة، وتكون التهمة إذا باع المستبدل أو اشترى ممن لا تقبل شهادته له من الأصول أو الفروع أو الزوجة.
جـ-اتحاد البدل والمبدل في الجنس إذا كان ذلك شرط الواقف.
د-ألا يكون الاستبدال بثمن هو دين للمشتري على المستبدل، لاحتمال عجز المستبدل عن الوفاء بالدين وذلك يترتب عليه ضياع الوقف (?) .