ثالثاً- الإبدال والاستبدال:
يدخل الإبدال والاستبدال في عداد الشروط العشرة التي يشترطها الواقفون في وثائق وقوفهم، وإطلاق هذه التسمية (الشروط العشرة) اصطلاح طارئ جرى عليه الموثقون بغرض ضبط شروط الواقفين، ولا أثر لهذه التسمية في كتب المتقدمين وإن كان مضمونها موجوداً عندهم. وهذه الشروط هي: الإعطاء والحرمان، والإدخال والإخراج، والزيادة والنقصان، والتبديل والتغيير، والإبدال والاستبدال.
وهي شروط ترجع إلى مصارف غلة الوقف، وكيفية توزيع تلك الغلة على الموقوف عليهم ما عدا شرطي الإبدال والاستبدال اللذين يرجعان إلى العين الموقوفة، وهما على كل حال من أهم الشروط؛ لهذا خصهما الفقهاء بمزيد من البحث (?) .
وبما أن غرض البحث التركيز على الاستثمار وما يتصل به فسوف نقف عند هذين الشرطين وحدهما لعلاقتهما بالاستثمار.
يراد بالإبدال عند الفقهاء: بيع عين الوقف ببدل، سواء كان ذلك البدل عيناً أخرى أو نقوداً، أما الاستبدال فهو شراء عين لتكون وقفاً بدل العين التي بيعت، ويفسر بعض الفقهاء الإبدال بالمقايضة، والاستبدال ببيع العين الموقوفة بنقود وشراء عين أخرى بتلك النقود (?) .
والفقهاء مختلفون اختلافاً بيناً في شأن الاستبدال، والمالكية والشافعية أشدهم في ذلك، فالمالكية يمنعون بيع العقار حتى لو تخرب، إلا أن يشترى منه بقدر الحاجة لتوسعة مسجد أو طريق، أما العروض والحيوانات التي يجوز وقفها عندهم، فيجوز بيعها وصرف ثمنها في مقابلها إذا لم تعد ذات فائدة على رأي ابن الماجشون، أما على رأي ابن القاسم فلا يحق بيعها (?) .
على أن بعض المالكية عالجوا خراب العقار الذي منعوا بيعه بما يسمى بالخلو وهو أن يؤذن لمن يعمره بتعميره على أن تكون العمارة له، ويجعل عليه حكراً يؤديه لمستحقي الوقف.
والشافعية مثلهم لا يجيزون التصرف في المساجد، وإن تخرب المسجد وخيف عليه السقوط نقض وبنى الحاكم بأنقاضه مسجداً آخر إن رأى ذلك وإلا حفظه (?) .