أولاً – الولاية على الوقف:
تعتبر الولاية على الوقف من الحقوق المقررة له شرعاً، وتأسيساً على ذلك لا يجوز وقف من غير ولاية، وقد درج الفقهاء والموثقون على تسمية هذه الولاية بالنظر على الوقف، وهي عبارة عن سلطة تتيح لمتوليها وضع يده على الوقف، وإدارة شؤونه من استغلال وعمارة، وتنظيم صرف ريعه على المستحقين مع القيام بمهمة الخصومة عنه (?) .
والولاية على الوقف حق للواقف بحكم الشرع – على الراجح من مذهب الحنفية- تثبت له في حياته سواء شرطها لنفسه أو لغيره أو سكت عنها، وله بموجب هذا الحق إدارة الوقف بنفسه أو تعيين ناظر له يكون وكيلاً عنه حال حياته ويأخذ حكم الوصي بعد وفاته، ويظل الواقف على ذلك، أي متمتعاً بالولاية ما دامت أهليته متوفرة، فإذا زالت عنه الأهلية بسبب مفيت لها كالجنون أو الحجر أو العته أو العجز انتقلت الولاية إلى القاضي بحكم ولايته العامة، وللقاضي حينئذٍ أن يولي من يراه مستوفياً لشروط الولاية أو يتولاها بنفسه.
والولاية على الوقف بمفهومها الفقهي هذا هي المدخل للاستثمار، لأن الاستثمار لا يكون إلا من خلال أجهزة تنظيمية تنهض بالإدارة، وتتولى مهمة الإشراف والتنظيم وما يتبع ذلك كله من إجراءات تنفيذية للاستثمار.
وملاحظة لهذا الجانب في الولاية اشترط الفقهاء فيمن يتولاها أن يكون عدلاً وكفؤاً، يقول صاحب (المنهاج) : (وشرط الناظر العدالة والكفاية ثم يشرح الكفاية بأنها الاهتداء إلى التصرف) (?) .