ثالثًا
في نظرتنا لـ (حقوق الإنسان)
ومدى اختلاف مرجعيتنا الإسلامية عن مرجعياتهم!!
دون انتقاص لجهود أحد لإظهار حقيقة أن الإسلام (سيظهر) على الدين كله، فإننا نرى أن الطريقة التي قام بها - في هذا الصدد - (المسلمون الليبراليون) في مرحلة مبكرة من عصر النهضية، ولا زالت متواصلة، وهي تقديم الدليل من الآيات - أو الأحاديث - على أن ما يتحدث به أهل الغرب - وخاصة الليبراليين منهم - هو موجود عندنا، يؤسفنا أن نقول إننا نرى أن هذا ليس (إظهار) للإسلام، بقدر ما هو سوق للمسلمين للسير (تبعًا) للغرب، رغم ثقتنا بحسن نيات من يقومون بهذا الجهد.
ونحن نقول هنا بأنه يمكننا تقديم الدليل من القرآن، ويمكن تعزيزه بالعديد من الأحاديث، على مناصرتنا لمبادئ حقوق الإنسان.
إلا أننا نعتقد أنه لدينا طريقة أفضل، وهي أكثر تأصيلًا لمناصرتنا الحقيقية لحقوق الإنسان، وأكثر تجذُّرًا في رؤيانا للكون والحياة والإنسان، وأكثر جدية وجدة.
فنحن مَن يرى - وهي رؤية صحيحة وحقة وفقًا للقرآن الذي يرى أيضًا - أن الإنسان له فطرة - أو قواعد طبيعية - تحكمه، وأنه خلال مسيرته عززها بما أنكر من منكر وعرف من معروف، فشكل عرفه الذي جاء الدين آمرًا بالأخذ به، فكان الدين القيم آخذًا بالعرف، آمرًا بالمعروف، متناغمًا مع الفطرة أو القواعد الطبيعية.
وما مسيرة الإنسان إلا مواجهة وإنكار لأي خروج عن القواعد الطبيعية، وإقامة القواعد الظالمة، على يد فرعون أو ملئه، وعلى يد قارون أو مترفين، أو كاهن أو كهنوت، إنها حرب (الله - والناس) ضد الاحتكار في المُلك والمِلْك والمعرفة.