وهكذا، فإن الثورة العلمية والثورة الجمهورية اللتين ظهرتا في أوروبا إنما كانتا نابعتين من عين الثورة الإسلامية، ولكن الغرب أعطى هاتين الثورتين صبغة علمانية!! فأفقدهما ذلك الأساس الفكري القائم على التوحيد الذي يحرر الناس من الأوهام، ويقيم في الواقع الاجتماعي قِيَم الحرية والمساواة والتآلف والتآخي والوحدة.

وإذا كان البعض يرى أن المادية وحدها هي التي أزاحت عن كاهل الإنسان المخاوف من القوى الطبيعية التي كان يرجعها لقوى بعد طبيعته! وعلمته أن يؤثر بتقديره في الحياة الدنيا! ويركز طاقاته على تحسينها، كما ألهبته الكبرياء البشري وتوكيد الذات.

وإذا كان البعض يرى هكذا، فمن حقنا أن نقول لهذا البعض وإلى الجميع نقول، والحق نقول:

إن الإسلام هو الذي أزاح عن كاهل الإنسان المخاوف من الآلهة الخرافية والقوى بعد الطبيعة الأخرى، يوم أن علمه أن له إلهًا واحدًا هو رب كل العالمين، وهو رحمن رحيم، وأنه جاعل آدم نبيه خليفة في الأرض، وأن كل ما في الأرضين والسماوات مسخر للإنسان، وما على الإنسان إلا إعمال عقله، ليعقل ويربط ظواهر هذا الكون التي تحكمها قوانين منسجمة ينظمها قانون واحد، هو القانون الساري في كل ألوان الوجود، مما يمكن الإنسان من أن يفيد ويؤثر بتقديره وعلمه، بما يعود عليه ويؤتيه في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ... إلخ. والآيات القرآنية واضحة الدلالة في أن جزاء الإنسان أو أجره وثوابه متوقفان على ما يحصل عليه من علم، وما يقوم به من عمل، وهو حين يعمل صالحًا يحيا في هذه الدنيا حياة طيبة، ويدخل في الآخرة جنات تجري من تحتها الأنهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015