ويعتقدون بحلول ذات الإله في أنفسهم، أو أنهم ظِل الله في الأرض، أو أن دمهم دم أزرق يختلف عن باقي البشر، إلى آخر الخرافات التي أراد الله لها أن تنتهي إلى أبد الآبدين على يد خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم؛ فكان أن استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض باكتمال الدين وإتمام النعمة وارتضائه لنا الإسلام دينًا.

وإن انقلابًا عظيمًا في التاريخ الإنساني قد حدث، وأخذ طريقه لإحداث رجع وصدع في كل السماوات والأرضين، يوم أن قطعت وشيجة الشرك، وقطعت بالتالي عن السلطة والحكم، فصار بعد ذلك أمرًا سياسيًّا بحتًّا..

ولقد كان ذلك أول انقلاب في التاريخ الإنساني المعلوم، ونخص بالذكر هنا أثرين من آثار هذا الانقلاب الكامل المحيط بجميع نواحي الحياة، أولهما: أن الناس لما علموا أن الله هو إله واحد، وما عداه مخلوق ومحكوم، ماتت عقلية تقديس مظاهر الطبيعة والأشياء التي كانت آلهة تُعبد ويُسجد لها، وأصبحت خادمة للإنسان، فشاء أن يعرف كنهها وحقيقتها ويستعملها لحاجاته، كان هذا الانقلاب الفكري الذي قضى على عهد الأوهام والأساطير، وافتتح عصر العلم الحديث!. والثاني: هو أنه انقرض به عهد الملوكية على مستوى فكري، وبدأ عصر الجمهورية الديمقراطية، ولما علم من أن الناس سواء، وليس من إنسان له صفة الألوهية، فلم يبقَ لأحد حق الحكم الإلهي على الأرض!!.

وانطلق هذان الانقلابان (أو الأثران العظيمان، من آثار الانقلاب العظيم الكامل المحيط بجميع نواحي الحياة) من المدينة، ثم وصلا إلى دمشق فبغداد وإسبانيا وصقلية، حتى انتشرا في معظم أفكار العالم.

على كلٍّ، فإن عمل الثورة الذي بدأ في العالم الإسلامي انتشر في أوروبا. غير أن هذا العمل قد تعرض لتغيير عندما وصل إلى أوروبا، وقد كان هذا العمل ظهر إلى الوجود في العالم الإسلامي تحت أثر الإسلام، ولكن أوروبا لم تكن مسلمة، فقامت بتطوير هذا العمل بإعطائه أساسًا علمانيًّا! مع أن انتقال العلوم الإسلامية وتعليم اللغة العربية أثر بحد كبير على العقائد المسيحية، (وحتى مارتن لوثر كان وليد الأثر الإسلامي على أوروبا مباشرة) ولكن النهضة العلمية والفكرية ظهرت في أوروبا كحركة علمانية) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015